الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص368
والمذهب الثالث : ما قاله أبو حنيفة أنه يحرم بعد الحولين بستة أشهر فجعل زمانه محدداً بثلاثين شهراً
والمذهب الرابع : ما قاله زفر بن الهذيل أنه يحرم إلى ثلاثة أحوال محددة بستة وثلاثين شهراً استدلالاً بعموم قول الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ) [ النساء : 23 ] ويقول النبي ( ص ) ‘ الرضاعة من المجاعة ‘ ولأنها من يعتد فيها بالرضاع فوجب أن يثبت فيها التحريم كالحولين .
ودليلنا قوله تعالى ( حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) [ البقرة : 233 ] وما حد في الشرع إلى غاية كان ما عداها بخلافها كالأقراء ، وهذه دلالة الشافعي .
وروى ابن عباس أن النبي ( ص ) ‘ لا رضاع بعد فصال ‘ والفصال في الحولين لقول الله تعالى ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15 ] وقد ثبت أن أقل الحمل ستة أشهر فدل على أن الباقي هو الفصال ، ولأنه حول لا يثبت حكم الرضاع في آخره فوجب أن لا يثبت حكمه في أوله كالحول الرابع طرداً ، والثاني عكساً ، ولان الحد إذا علق بالحول ولم يبلغ به الكمال قطع على التمام كالحول في الزكاة .
فأما الاستدلال بعموم الآية والخبر فمخصوص بما ذكرناه .
وأما قياسهم على الحولين ففاسد بالشهر السابع يتغذى فيه باللبن ، ولا يقع به التحريم ثم المعنى في الحولين أنه لما وقع التحريم بالرضاع في آخره وقع بالرضاع في أوله وخالف الثالث .
وقال مالك : إنما يثبت تحريم الرضاع إذا كان محتاجاً إليه غير مستغن بالطعام عنه .
وهذا فاسد ، لأن تقدير الرضاع بالحولين يقتضي أن يكون معتبراً بالزمان دون غيره ، ولأن تعلقه بالحولين نص ، واستغناؤه بالطعام اجتهاد ، وتعليق الحكم بالنص أولى من تعليقه بالاجتهاد ، ولأن اعتباره بالحولين علم واعتباره بالاستغناء خاص واعتبار ما عم أولى من اعتبار ما خص .
والذي أراده المزني بهذا الفصل أن يحتج به فيما ذهب إليه من أكثر الحمل أنه