پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص364

والقسم الثالث : ما نسخت تلاوته ، وبقي حكمه كالمروي عن عمر في الرجم ، وعن عائشة في الرضاع .

والجواب الثالث : أن العشر نسخن بالخمس ، إنما هما جميعاً بالسنة إلا بالقرآن وإنما أضافت عائشة ذلك إلى القرآن لما في القرآن من وجوب العمل بالسنة كالذي روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إن الله لعن الواصلة والمستوصلة في كتابه ، فقالت له : امرأة ما وجدت هذا في الكتاب فقال : أليس الله تعالى يقول في كتابه ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [ الحشر : 7 ] ومثله ما حكى عن الشافعي أنه قال : من سألني عن شيء أخبرته من القرآن ، فسأله رجل عن محرم قتل زنبوراً فقال : لا شيء عليه ، فقال : فأين هذا من كتاب الله فقال : قول الله تعالى ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [ الحشر : 7 ] وقال النبي ( ص ) اقتدوا بالذين من بعدي أي أبي بكر وعمر ، وسئل عن محرم قتل زنبوراً ، فقال : لا شيء عليه والاعتراض الثاني : إن قالوا فقد روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان تحريم الرضاع في صحيفة ، فلما توفي رسول الله ( ص ) تشاغلنا بغسله فدخل داجن الحي فأكلها ، ولو كان ذلك قرآنا كان محروسا لقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ] فعنه جوابان :

أحدهما : أن الذي أكله داجن الحي رضاع الكبير وحكمه منسوخ .

والثاني : أنه العشر منسوخ بالخمسن وذلك غير صائر لأنه محفوظ في صدور الرجال قال النبي ( ص ) أناجيل أمتي في صدورها ، ولو أكلت مصاحف العمر كلها ، لم تؤثر في القرآن لحفظه في الصدور .

والاعتراض الثالث : أن قالوا هذا إثبات نسخ بعد وفاة الرسول ( ص ) لأنها قالت فتوفي رسول الله ( ص ) وهن ممن يقرأ في القرآن ، وبهذا لا يجوز وعنه جوابان :

أحدهما : أنها روت بعد الرسول نسخاً كان في زمان الرسول وقولها كان مما يقرأ أي مما يعمل به .

والثاني : أنه كان يقرأ بعد رسول لإثبات حكمه لا لإثبات تلاوته ، فلما ثبت حكمه تركت تلاوته .

والاعتراض الرابع : أن فيه إثبات نسخ بخبر واحد ، والنسخ لا يكون إلا بإخبار التواتر ، وعنه جوابان :

أحدهما : أن الطريق التي يثبت بها خبر المنسوخ ثبت بها خبر الناسخ فلم يجز أن يجعل حجة في إثبات المنسوخ دون الناسخ .