الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص363
وقع التحريم بأقل منها بطل أن تكون الخمس ناسخاً ، وصار منسوخاً كالعشر وهذا خلال النص ومسقط لتعدي الخمس .
واعترضوا على الاستدلال بهذا الحديث من أربعة أوجه :
أحدها : أن قالوا فيه إثبات لذلك من القرآن وهو خطأ من وجهين : أحدهما : أنكم أثبتم القرآن بخبر الواحد ، والقرآن لا يثبت إلا بإخبار التواتر والاستفاضة . والثاني : أنه لو كان من القرآن لكان مثبتاً في المصحف متلو في المحاريب ، وذلك غير جائز فلم يجز أن يكون من القرآن .
والجواب عن هذين من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنا أثبتناه من القرآن حكما لا تلاوة ورسماً والأحكام تثبت بأخبار الآحاد سواء أضيفت إلى السنة ، أو إلى القرآن كما أثبتوا بقراءة ابن مسعود ‘ فصيام ثلاثة أيام متتابعات ‘ حكم التتابع ، وإن لم يكتبوا تلاوته فإن استفاض نقله ثبت بالاستفاضة تلاوته وحكمه .
ومثاله ما نقول في السرقة إذا شهد بها شاهدان ثبت المال والقطع ، وإن شهد شاهد وامرأتان ثبت المال ، ولم يثبت القطع ، لأن بينة القطع مفقودة وبينة المال موجودة كذلك خبر الاستفاضة بينة في إثبات التلاوة ، والحكم وخبر الواحد بينة في إثبات الحكم دون التلاوة .
والجواب الثاني : أن هذا منسوخ التلاوة ثابت الحكم فكان وروده بالاستفاضة والآحاد سواء في إثبات حكمه ، وسقوط تلاوته كالذي روي عن عمر أنه قال كان فيما أنزل الله ‘ والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله ‘ ولولا أن يقول الناس زاد عمر في القرآن لكتبتها في حاشية المصحف ، ولو كانت من المتلو لكتبتها مع المرسوم المتلو وإنما أراد بكتبتها في الحاشية ، لأن لا ينساها الناس ثم لم يفعل لئلا تصير متلوة ، لأن المنسوخ ينقسم ثلاثة أقسام :
قسم نسخت تلاوته وحكمه كالذي روي أن رجلاً قام في الليل ليقرا سورة فلم يقدر عليها ثم سأل آخر عليها فلم يقدر عليها فأتى جميعهم رسول الله ( ص ) فأخبروه بذلك ، فقال : إنها رفعت الليلة من صدور الرجال .
والقسم الثاني : ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كالوصية للوالدين والأقربين والاعتداد بالحول .