پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص358

النسب ، وأما انتشارها من جهته إليهما فهي مقصورة عليه وعلى ولده وإن سفل دون من علا من آبائه وأمهاته ، ودون من شاركه في النسب من إخوته وأخواته فلا يحرم آباؤه وأمهاته ولا أخواته على واحد من أبوي الرضاع ، فيكون انتشار الحرمة من جهته أخص ، وانتشارها من جهتهما أعم .

والفرق بينهما في عموم الحرمة من جهتهما وخصوصيتها من جهته وهو أن اللبن لهما دونه ، وفعل الرضاع منهما لا منه ، فكانت جهتهما أقوى فعمت الحرمة وضعفت من جهته فخصت الحرمة .

( فصل )

فإذا تقرر ما وصفنا من هذا الأصل الذي عليه مدار الرضاع وبه يعتبر حكماه في التحريم والمحرم فانتشارهما من جهة المرضعة متفق عليه ، وانتشارهما من جهة الفحل مختلف فيه ، فمذهب الشافعي وما عليه الأكثرون أن ثبوت الحرمة وانتشارها من جهة الفحل في التحريم والمحرم كثبوتها ، وانتشارها من جهة المرضعة وبه قال من الصحابة : علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس ، وعائشة رضوان الله عليهم ومن التابعين عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، ومن الفقهاء : أبو حنيفة ومالك والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وأحمد وإسحاق ، وذهبت طائفة إلى أن الفحل لا ينتشر عنه حرمة الرضاع ، ولا يثبت من جهته تحريم ولا محرم ، ويجوز له أن ينكح المرتضعة بلبنه وكذلك ولده من غير المرضعة ، وبه قال من الصحابة : ابن عمر : وابن الزبير ، ورافع بن خديج رضي الله تعالى عنهم ومن التابعين سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، ومن الفقهاء النخعي ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وحماد بن أبي سليمان ، والأصم وابن علية ، وأبو عبد الرحمن الشافعي ، وداود بن علي ، وأهل الظاهر وجعله داود مقصوراً على الأمهات والأخوات استدلالا بقول الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) [ النساء : 23 ] فخصهما بذكر التحريم ثم قال من بعد ( وأحل لكم ما وراء ذلكم ) [ النساء : 24 ] فدل على إباحة من عداهما وادعوا في ذلك إجماع الصحابة ، وهو ما روي أن عبد الله بن الزبير خطب زينب بنت أبي سلمة من أمها أم سلمة ، لأخيه حمزة بن الزبير ، فقالت كيف أزوجها به وهو أخوها من الرضاعة فقال عبد الله ذاك لو أرضعتها الكلبية ، وذلك أن عبد الله بن الزبير أمه أسماء بنت أبي بكر ، وحمزة بن الزبير أمه الكلبية ، وكانت أسماء قد أرضعت زينب بنت أبي سلمة فصارت بزينب أختاً لعبد الله من أبيه وأمه ، وأختاً لحمزة من أبيه دون أمه فجعلها عبد الله أختاً لنفسه ، ولم يجعلها أختاً لأخيه حمزة ، ولا جعل اللبن لأبيه الزبير ، وقال لام سلمة : سلي الصحابة ، فسألوا ، وذلك في أيام الحيرة فأباحوها له ، وقالوا : لبن الفحل لا يحرم فزوجت به ، وكانت عنده إلى أن مات