پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص353

وقال أبو حنيفة : لا يلزمه الاستبراء في المكاتبة إذا عجزت ، ولا في المزوجة إذا طلقت ، ولا في المرتدة إذا أسلمت اعتباراً ببقاء الملك واستدلالا بأن طريان التحريم عليه بالكتابة ، والتزويج والردة لحدوث التحريم بالصيام ، والحيض ، والإحرام ، وذلك غير موجب للاستبراء لبقاء الملك كذلك لم يزل به الملك ؛ ولأن الرهن يمنع من وطئها كالكتابة ، ثم لم يلزمه الاستبراء بعد فكاكها من الرهن كذلك لا يلزمه بعد عجزها في الكتابة ودليلنا قول النبي ( ص ) : ‘ الا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ‘ فكان على عمومه في كل إباحة حدثت بعد حظر ، ولأنه استحدث استباحة يملك بعد عموم التحريم ، فوجب أن يلزمه الاستبراء كالتي استحدث ملكها ، وخالف ما ذكره من تحريم الصائمة ، والحائض والمحرمة ، لاختصاصه بتحريم الوطء دون دواعيه في الحائض والصائمة والتلذذ بالنظر إلى المحرمة ، وتحريم ما ذكرناه عام زال به عموم الاستباحة فافترقا ، وأما المرهونة فلا يحرم منها دواعي الوطء من القبلة واللمس ، واختلف أصحابنا في إباحة وطئها إذا آمن حملها بصغر أو إياس على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي يجوز وطؤها .

والثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، لا يجوز ؛ لأن حبلها غير مأمون ، فكان المنع لأجل الحبل إلا لتحريم الوطء ، ولو أذن له المرتهن في وطئها جاز ، ولو كان محظوراً لم يجز .

( فصل )

فإذا تقرر هذا الأصل تفرع عليه ما سنوضحه فمن ذلك إذا اشترى أمة مجوسية واستبرأها ثم أسلمت فهي محرمة عليه حتى يستبرئها ، لأنها قبل الإسلام محرمة ، وبالإسلام حلت فلزمه الاستبراء بعد الإسلام لحدوث الإباحة بعد الحظر كالمرتدة إذا أسلمت ومن ذلك أن يشتري العبد المأذون له في التجارة أمة ويستبرئها فلا يجوز للعبد أن يستمتع بها ، لأنه لا يملكها ، فأما استمتاع السيد بها فإن لم يكن على العبد دين من ثمنها ، ولا من غيره وقت استبرائها حل للسيد وطؤها لوجود الاستبراء بعد استقرار الملك ، وإن كان على العبد دين فالسيد ممنوع منها مع بقاء الدين ، لأن ما بيد العبد المأذون له في التجارة كالمرهون على دينه ، فإذا قضاه قال أصحابنا : هي محرمة عليه حتى يستبرئها ، لأنها إباحة حدثت بعد حظر ، ولا تعتد بما تقدم من الاستبراء ، وعندي : أنه لا يلزمه استبراء ، وتحل له بالاستبراء المتقدم لوجوده بعد استقرار الملك ، وأن الرهن لا يوجب الاستبراء ، وكذلك لا يمنع منه ، فأما إذا تزوج الحر بأمة ثم اشتراها بطل نكاحها ، وحلت له بالملك من غير استبراء ، لأنها انتقلت من إباحة بزوجية إلى إباحة بملك فلم يتخللها حظر فلذلك لم تستبرئ ، ولكن لو أراد أن يزوجها بعد ابتياعها لم يجز إلا بعد استبرائها ، وبماذا يكون استبراؤها ؟ معتبر بحال السيد ، فإن كان قد وطئها قبل ابتياعها استبرأت نفسها بقرء واحد استبراء