الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص344
وقال أبو يوسف : يلزمه استبراؤها إن أقبضها ، ولا يلزمه استبراؤها إن لم يقبضها استحساناً ، وإن لزمه قياساً ، وهذا ليس بصحيح ، لأن الاستحسان لو دفع القياس لكان بإيجاب الاستبراء والاحتياط في الدين أحق ، فأما إن تفاسخا في مدة الخيار قبل انبرام البيع فقد ذكرناه في كتاب ‘ البيوع ‘ بما أغنى عن الإعادة .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا ثبت أن استبراء الأمة واجب فملك الرجل أمة بالابتياع ، فمذهب الشافعي ، وأبي حنيفة : أن الاستبراء واجب على المشتري دون البائع ، ويستحب لو استبراها البائع وإن لم تجب عليه .
وقال عثمان البتي ، الاستبراء واجب على البائع دون المشتري ويستحب أن يستبرئها المشتري .
وقال إبراهيم النخعي ، وسفيان الثوري : الاستبراء واجب على البائع وعلى المشتري .
وقال مالك : الاستبراء واجب على المواضعة بعد رفع يد البائع ، وقبل دخول يد المشتري .
فأما عثمان البتي فاستدل بأنه لما لزم استبراء الحرية قبل عقد النكاح عليها لزم استبراء الأمة أن يكون قبل ابتياع المشتري لها .
وأما النخعي ، والثوري ، فإنهما استدلا بأنها تستبرئ نفسها من ماء البائع لتقدم إصابته ، ومن ماء المشتري لمستحدث إصابته فوجب أن تستبرئ نفسها في ملك البائع لحفظ مائه ، وفي ملك المشتري لحفظ مائه .
وأما مالك فإنه استدل بأن استبراءها على المواضعة تنوب عن الحقين ، وفي يد أحدهما تنوب عن حقه فكان استيفاء الحقين بالمواضعة أولى من استيفاء أحدهما بالانفراد .
ودليلنا على جماعتهم قول النبي ( ص ) : ‘ ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ‘ فبطل به قول عثمان البتي لأنه جعل الحيض مبيحاً للوطء ولو كان في يد البائع لكان مانعاً من الوطء ، وإنما يبيحه إذا كان في ملك المشتري وبطل به قول سفيان وإبراهيم لأنه أباحها بعد حيضة واحدة ، وعلى قولهما بعد حيضتين ، وبطل به قول مالك ، لأنه قال : ذلك بعد حصول السبي في ملك الغانمين ، وفي أيديهم ، ولأنه