الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص333
قال الماوردي : إذا كانت أم الولد مؤيسة استبرأت نفسها بالشهور وفيه قولان :
أحدهما : وهو قوله في الجديد – أنها تستبرئ نفسها بشهر واحد ، لأن عليها قرءاً واحداً ، وقد جعل الله تعالى الأقراء الثلاثة في مقابلة ثلاثة اشهر فصار القرء الواحد مقابلاً لشهر واحد ، فلذلك استبرأت نفسها في القرء الواحد بشهر واحد .
والقول الثاني : وهو قوله في القديم أنها تستبرئ نفسها بثلاثة أشهر كالحرة ، لأنه أول الزمان الذي يبرأ فيه الرحم ، لقول النبي ( ص ) أن ابن آدم يمكث في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم أربعين يوماً علقة ثم أربعين يوماً مضغة ‘ ، فهو بعد انتقاله من العلقة إلى المضغة في الشهر الثالث تظهر أماراته في بطن أمه فيعرف به حال الحمل ، وبفقد إماراته تعرف براءة الرحم فلم يتبعض هذا الزمان فيه ، وجرى مجرى الحمل الذي لا يتبعض فاستوى فيه استبراء الأمة ، وهذه الحرة كذلك الشهور .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، متفق عليه أن استبراء كل ذات حمل من حرة وأمة يكون بوضع الحمل لقول الله تعالى ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [ الطلاق : 4 ] وقال النبي ( ص ) في سبي أوطاس : ‘ الا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ‘ .
وروى أبي بن كعب عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ عدة كل ذات حمل أن تضع حملها ‘ ولأن الحمل لا يتبعض فعم حكمه في الحرائر ، والإماء كالقطع في السرقة فإذا وضعت حملها حلت للأزواج ، وإن كانت في نفاسها لكن يمنع الزوج من وطئها في النفاس كما لو كان منه وصار استبراء أم الولد ، والأمة المشتراة ، والحرة المسبية بأحد ثلاثة أشياء : بالحمل إن كان وهماً وهو مما تساوى فيه الحرة والأمة وبالطهر والحيض إن فقد الحمل ، وكانت من ذوات الأقراء ، وهو مما خالف فيه الحرة ، وبالشهور إن فقدت الأمران ، واختلف قوله في مساواتهما فيه الحرة .