پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص332

والبصريين وإن خالف البغداديون في الاعتداد ببقية الطهر ، وجعله البصريون حجة عليهم في بقية الطهر ، وفرق البغداديون بينهما : بأن بقية الحيض يتعقبه طهر لا يدل على براءة الرحم فلم يعتد به ، وبقية الطهر تتعقبه حيض يدل على براءة الرحم فاعتدت به وهذا ، وهذا تزويق ، وليس تحقيقاً ولو عكس لكان أشبه .

وقال مالك : إن مات سيدها في أول حيضها اعتدت بتلك الحيضة ، وإن مات في آخرها لم تعتد به ، وفرق بين أول الحيض وآخره بأن قوة أوله تمنع من علوق الولد فبرأ به الرحم وضعف آخره لا يمنع من علوق الولد ، فلم يبرأ به الرحم وهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : أنه لو برئ به الرحم في الاستبراء لبرئ به الرحم في العدة .

والثاني : أنه لو برئ الرحم بأوله لم يحتج إلى استكمال آخره .

فإذا ثبت ، ما ذكرنا أنها لا تعتد بقية حيضها ، فإذا طهرت منها ، ودخلت في الحيضة الثانية دخلت في قرئهما فإذا استكملتها بانقطاع الدم ودخولها في الطهر الثاني حلت ، وإن كانت عنه موت السيد طاهراً لم تعتد ببقية طهرها ، فإذا رأت الدم دخلت في قرئها فإذا استكملت الحيضة ، وطهرت حلت فهذا حكم الوجه الثاني : أن المقصود هو الحيض .

والوجه الثالث : وهو الذي تفرد به البصريون أن الطهر والحيض مقصودان معاً في قروء الاستبراء ، وإن لم يقصدا معاً في أقراء العدة ؛ لأنهما في أقراء العدة يجتمعان فجاز أن يكون أحدهما مقصوداً ، وفي قروء الاستبراء لا يجتمعان إلا أن يقصدا فلذلك وجب أن يكونا فيه مقصودين ، فعلى هذا لها عند موت السيد حالتان : حائض ، أو طاهر ، فإن كانت حائضاً ، فإذا انقطع دمها ورأت الطهر دخلت في قرئها ، فإذا استكملت طهرها ثم حيضة كاملة بعده ، ودخلت في الطهر الثاني حلت ، وإن كانت طاهراً ، فهل تعتد على هذا الوجه ببقية هذا الطهر أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : لا تعتد به كما لا تعتد به على قول البصريين إذا كان الطهر وحده مقصوداً فعلى هذا إذا رأت الدم بعد بقية هذا الطهر دخلت في قرئها ، فإذا استكملت حيضتها ثم استكملت بعدها طهر كاملاً ، ورأت دم الحيضة الثانية حلت .

والوجه الثاني : أنها تعتد ببقية هذا الطهر إذا كانا مقصودين ، ولا تعتد به إذا كان أحدهما مقصوداً لقوته إذا قرن بغيره وضعفه إذا انفردت بذاته ، فعلى هذا يدخل في قرئها في بقية طهرها ، فإذا دخلت في الحيضة واستكملتها بانقطاع الدم ، ودخول الطهر حلت ويصير استبراؤها بذلك موافقا لأحكام الوجوه الثلاثة والله أعلم .