الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص325
والوجه الثاني : لا يلحق به ، لأن المفقود من عدمت أخباره ، وانقطعت آثاره ، وقد مضى من مدة التربص ما يمنع من بقاء مائه معها فامتنع أن يكون ولدها منه ، وإن تزوجت غيره ولدت بعد ستة أشهر من دخول الثاني فهو لاحق بالثاني دون الأول ما لم يدعه الأول .
وقال أبو حنيفة : يكون لاحقاً بالأول دون الثاني وإن لم يدعه ، وكذلك كل من تلده بعد ذلك من الثاني يكون لاحقاً بالأول دون الثاني ، وبنى ذلك على أصله في المشرقي إذا تزوج بمغربية ، وقد مضى الكلام معه فيه ، فإن ادعاه الأول قال الشافعي رحمه الله : ‘ أريته القافة ‘ فاختلف أصحابنا في ادعائه له على وجهين :
أحدهما : أن يقول في الدعوى إني رجعت سراً فأصبتها ، ويكون ما ادعاه ممكنا فيجوز حينئذ أن يكون منه ، ويجوز أن يكون من الثاني فيرى القافة حتى يلحقوه بأشبههما به ، فإن لم يذكر هذا في دعواه فلا حق له في الولد ويكون من الثاني ، وهذا على الوجه الذي لا يلحق به الولد إذا لم تتزوج .
والوجه الثاني : أنه إذا ادعاه دعوى مجردة قبلنا دعواه ، وجعلنا له في الولد حقاً فيرى القافة فيلحقوه بأحدهما ، ولو لم يدعه لجعلناه للثاني تغليباً للظاهر وهذا على الوجه الذي يلحق به الولد إذا لم تتزوج .
قال الماوردي : وصورتها أن تتزوج امرأة المفقود بالحكم بعد مدة التربص ثم يموت الزوجان أو أحدهما فالكلام متوجه إلى بيان حكمي العدة ، والميراث ، فذلك مبني على عقد الثاني : هل هو صحيح أو فاسد ، فإن قيل بصحته ، وإن نكاح الأول قد انفسخ بالحكم على قوله في القديم نظر في الميت منهما ، فإن كان هو الأول فلا ميراث لها منه ولا عدة عليها له وإن كان الميت هو الثاني فلها ميراثه ، وعليها أن تعتد منه عدة الوفاة بأربعة أشهر وعشر ، فإن لم يعلم أيهما هو الميت فلا عدة عليها ولا ميراث لها ؛ لأن الزوج منهما هو الثاني وهي شاكة في موته فكانت باقية على نكاحه حتى يتيقن موته فتعتد منه وترثه .
وإن قيل : بفساد نكاح الثاني وبقائها على نكاح الأول لم يخل حال من مات منهما من أربعة أقسام : إما الأول أو الثاني أو أحدهما لا بعينه أو هما جميعاً معاً .