الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص318
أحدهما : أن الأغلب من حال المفقود موته فلم يحتج إلى طلاق ، فإن قيل فقد أمر عمر ولي المفقود أن يطلق قبل لجواز أن يكون فعل ذلك استظهاراً ، لأن المحكوم بموته لا تقف فرقة زوجته على طلاق غيره .
والثاني : أن ما سوى عدة الوفاة استبراء ، لأنها لا تجب على غير مدخول بها ، وقد استبرأت هذه نفسها بأربع سنين فلم تحتج إلى الاستبراء ، وألزمت عدة الوفاة إحداداً . وإذا كان كذلك فأول مدة التربص من وقت حكم الحاكم لها بالتربص .
وبه قال الأوزاعي :
وقال أحمد بن حنبل : أولها من وقت الغيبة ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أمرها بالتربص من وقت قضائه والعمل فيها على قوله .
والثاني : أنها مدة تقدرت باجتهاد فاقتضى أن تتقدر بالحكم كأجل العنة ، وخالفت مدة الإيلاء المقدرة بالنص ، فإذا انقضت المدة بعد حكم الحاكم بها وتقدرها ، فهل يكون ذلك حكماً بوفاته أم يحتاج إلى استئناف حكم ؟ على وجهين محتملين . أحدهما : أن ما تقدم من الحكم بتقدير المدة حكم بالموت بعد انقضاء تلك المدة لأنه مقصود التقدير ، فعلى هذا إذا انقضت تلك المدة لم يلزمها معاودة الحاكم وصارت داخلة في العدة بعد انقضائها ، فإذا اقتضت عدتها حلت .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنه لا يكون الحكم بتقدير المدة حكماً بالموت بعد انقضائها حتى يحكم لها الحاكم بموته ؛ لأن عمر رضي الله تعالى عنه استأنف حكمها بعد انقضاء المدة ؛ ولأن الحكم بأجل العنة لا يكون حكماً بالفرقة حتى يحكم بها الحاكم كذلك الحكم بأجل الغيبة ، فعلى هذا لا تدخل في العدة بعد انقضاء المدة إلا بأن يحكم لها الحاكم بموته فتقع الفرقة ما حكم به من الموت ثم تدخل بعد حكمه في العدة وتحل حينئذ بانقضاء العدة ، فإذا حكم بالفرقة على ما وصفنا فقد اختلف أصحابنا في وقوعها ظاهرا وباطناً على وجهين :
أحدهما : أنها تقع ظاهرا وباطناً حتى إن قدم الزوج حياً لم يبطل به النكاح .