الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص304
حظر وإباحة فبطل ، لأن النكاح لا يستباح بالشك وسواء بان من بعد أنه من عدته أم لا بخلاف الرجعة في أحد الوجهين ، لأن النكاح عقد لا يجوز أن يكون موقوفاً على خلوها من العدة ، والرجعة يصح أن تكون موقوفة على بقاء العدة ، وإن تزوجها في القرء الثالث صح النكاح ، لأنه متردد بين أن تكون فيه معتدة منه أو خالية من عدة ، وليس في واحد منهما مانع من نكاحها .
قال الماوردي : قد ذكرنا الرجوع إلى بيان القافة مع إشكال النسب ، فإن لم يكن فيهم بيان فقد ذكر الشافعي في ذلك خمس مسائل :
أحدها : أن لا يلحقوه بواحد منها فلا يكون فيه بيان ، لأنه لا يقبل منهم نفيه عنهما وقد ثبت فراشهما ، وأوجب الشرع لحوقه بأحدهما ، لأنه قد صار موقوف النسب عليهما فقبل منهم لحوقه بأحدهما ، لأنه تمييز ما اقتضاه الشرع ولم يقبل نفيه عنهما ، لأنه نفى ما أثبته الشرع فصاروا ممن لا بيان فيهم .
والمسألة الثانية : إذا ألحقوه بهما فلا يلحق بهما ، لأن الشرع قد منع من لحوقه بأبوين فصاروا مثبتين لما نفاه الشرع فلم يكن فيهم بيان .
والمسألة الثالثة : إذا لم يكن قافة يريد في موضع الولد المتنازع فيه وما قاربه إلى مسافة اقل من يوم ونصف ليلة ، ولم يرد أن لا يكونوا في الدنيا كلها ، لأنهم لا يخلون من الحجار ، ولا يلزم إذا بعدوا أن يحمل الولد إليهم ، ولا أن يحملوا إليه كالشهود الذي لا يلزم نقلهم ولا الانتقال إليهم ، وكالولي الغائب الذي لا يلزم نقله ولا الانتقال إليه ، ويكون خلو الموضع وما قاربه من القافة يجري عليهم حكم العدم لهم وفقد البيان منهم ، فإن تكلفوا الانتقال إليهم أو نقل القافة إليهم جاز وإن لم يجب ولزم بعد حضورهم أن يعمل على قولهم إذا كان فيه بيان .
والمسالة الرابعة : إذا مات منهم قبل بيان القافة ميت فينظر ، فإن كان الميت المتنازعان ، أو أحدهما ، وكان القافة يعرفون الميت في حياته بكلامه وألحاظه وشمائله وأماراته فلم يؤثر موته في حكم القافة ، وجاز أن يلحقوه بعد الموت بمن حكموا بشبهه به ، وإن لم يعرفوه في حياته أو كان الميت هو الولد الذي لم يعرف نظر حاله بعد الموت فإن تغير في أوصافه وحلاه ارتفع حكم القافة عنه ، وإن لم يتغير وكان باقياً على أوصافه التي كان عليها في حياته ففيه وجهان :
أحدهما : قد بطل حكم القافة فيهم بالموت ، لأنهم يعتبرون مع الشبه الظاهر ما خفي من الشبه الخفي في الكلام والألحاظ والشمائل والإشارات ، ويقتصرون على