الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص291
تتداخل باختلاف من له العدة ، ولأنها لو وطئت بالشبهة في عدة الوفاة لم تتداخل العدتان ، وكذلك إذا كان الوطء في عدة الطلاق وجب أن لا تتداخل العدتان .
فأما الجواب عن الآيتين فهو أن صيغة اللفظ تضمن عدة واحدة فلم يجز أن تحمل على عدتين .
وأما قياسهم على تداخل العدتين من واحد فالمعنى فيه : أنه استبراء من ماء واحد فجاز أن يتداخل ، وإذا كان من اثنين فهو استبراء من مائين فلم يتداخلا .
وأما قولهم إنه إذا عرف براءة رحمها عن أحدهما عرف براءته في حقهما .
فالجواب عنه أن العدة استبراء وتعبد فإذا عرف الاستبراء لم يسقط معه التعبد كعدة الصغيرة وغير المدخول بها في الوفاة .
وقولهم : أن العدة تتصل بسببها ولا تنفصل عنه ففاسد بمسألتنا لانفصال عدة الأول في مدة وطء الثاني ثم بالمطلقة في الحيض وليس الحيض ، وإنها تستقبل العدة بما بعد بعض حيض الطلاق ، وما قالوه من تحريم المختلعة عليه إذا وطئت في عدتها ، فإنما منع من نكاحها ، لأنها محرمة عليه بعد عدته حتى تقضي عدة غيره فصارت كالمحرمة عليه حتى تنكح زوجاً غيره .
وأما اعتبارهم بتداخل الاجلين فلا يصح من وجهين :
أحدهما : أن الأجل في الدين حق لمن عليه الدين ، وله إسقاطه بالتعجيل ، والأجل في العدة حق على من عليها العدة ، ولا يجوز إسقاطه بالعفو فافترقا .
والثاني : أن مقصود الآجال ما بعدها من الحقوق وهي غير متداخلة ، والعدد هي الحقوق المقصودة فاقتضى قياسه أن لا يتداخل .
إحداهن : في زوجة لرجل وطئها أجنبي بشبهة فدخلت في عدة الواطئ ثم طلقها زوجها قبل انقضاء عدة الواطئ استأنفت عدة الطلاق ، ودخلت فيها عدة الواطئ بشبهة . والجواب عن هذه المسألة أن لأصحابنا فيها وجهان :
أحدهما : أن العدتين لا يتداخلان كما لم يتداخلا في غيرهما ، ويكون هذا أصلاً مستمراً وتأتي بما بقي من عدة الوطء لتقدمها ثم تستأنف عدة الطلاق .
والوجه الثاني : أنها تستأنف عدة الطلاق ، ويسقط بها الباقي من عدة الوطء ولا تدخل بقيتها في عدة الطلاق .