پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص287

( فصل )

فإن وطئها لم يخل حالهما من أربعة أقسام :

أحدها : أن يكونا عالمين بالتحريم .

والثاني : أن يكونا جاهلين به .

والثالث : أن يكون الواطئ عالماً والموطوءة جاهلة .

والرابع : أن يكون الواطئ جاهلاً والموطوءة عالمة .

فأما القسم الأول وهو أن يكونا عالمين بالتحريم فعليهما الحد .

وقال أبو حنيفة : لا حد عليهما لشبهة العقد بناء على مذهبه في الواطئ لأمه بعد النكاح أنه لا حد عليه ، وقد مضى من الحجاج عليه في ذلك ما هو دليل عليه هاهنا ، وقد روى البراء بن عازب قال : رأيت عمي ومعه راية ، فقلت إلى أين تذهب ، فقال : أرسلني رسول الله ( ص ) إلى رجل أعرس بامرأة أبيه أن أقتله وآتيه برأسه وأخمس ماله .

والعرسة اسم للوطء في نكاح فاحتمل تخميس ماله ، لأنه استحل ذلك فصار مرتداً وصار ماله بالردة فيئاً واحتمل إن لم يستحله فقتله حدا وخمس ماله عقوبة ، لأن العقوبات كانت في صدر الإسلام بالأموال ، فدل ذكر الحسب على تعلق القتل به ، ولأنه لما ورد النص بتحريمه ارتفعت الشبهة في إباحته وارتفاع الشبهة في الوطء ويوجب للحد كالزنا ، فإذا ثبت وجوب الحد عليهما ، فهو كالزنا لا يستحق به المهر ولا يجب فيه العدة ولا يلحق فيه النسب ولا بقطع عدة الأول ويسري في عدته ، وإن لم يفرق بينهما وبين الثاني ؛ لأنها لم تصر بهذا الوطء فراشاً له .

( فصل )

وأما القسم الثاني ، وهو أن يكونا جاهلين بالتحريم : إما لجهلهما ببقاء العدة ، وإما لجهلهما بالتحريم مع علمهما ببقاء العدة فهما سواء ولا حد عليهما ، لأن في الجهل بالتحريم شبهة تدرأها الحدود ويتعلق بهذا الواطئ أحكامه في النكاح فيستحق فيه المهر ويلحق به النسب وتجب به العدة وتقطع به عدة الأول ما لم يفرق بينها وبين الثاني ، لأنها قد صارت بوطء الشبهة فراشاً له ولا يجوز أن تكون فراشاً له ومعتدة من غيره ، لأن العدة تنافي الفراش ، فإذا فرق بينهما صارت بالتفرقة داخلة في عدة لاأول لارتفاع الفراش بها فيبنى على ما مضى منها ثم تعتد من إصابة الثاني ويجوز إذا كملت عدة الأول أن يتزوجها الثاني ، وإن كانت في عدته ولا تحرم عليه ، وحكي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنها قد حرمت على الثاني أبداً إذا كان جاهلا بالتحريم ، ولا تحرم عليه مع العلم بالتحريم ، وهو مذهب مالك وذكره الشافعي في القديم فاختلف أصحابنا هل قاله حكاية عن مالك ، أو مذهباً لنفسه فقال البصريون : حكاه عن غيره .