الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص284
وقال أبو حنيفة : إن كان زوجها مسلما فعليها العدة وليس عليها الإحداد وإن كان زوجها ذمياً فلا عدة ولا حداد .
وقال أبو يوسف ، ومحمد : عليها العدة منهما ولا إحداد عليها منهما استدلالا بقول النبي ( ص ) لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة اشهر وعشرا فلما خص المؤمنة بالذكر دل على اختصاصها بالحكم ؛ ولانها عبادة محضة فسقطت بالكفر كسائر العبادات ؛ ولأنها لما أقرت على ترك الإيمان كان إقرارها على ترك الإحداد أولى .
ودليلنا حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن النبي ( ص ) قال : المتوفى زوجها لا تلبس المعصفر ولا الممشوق ولا الحلي ولا تكتحل ولا تختضب ولم يفرق بين المسلمة والذمية فدل على اشتراكهما ، فيه ؛ ولأنها بائن بالوفاة فوجب أن تلزمها العدة والإحداد كالمسلمة ، ولأن الإحداد إما أن يكون لرعاية الحرمة وإما لحفظ الشهوة وإن كانت الذمية اقل رعاية للحرمة فهي أقوى شهوة لقلة المراقبة فكانت بالإحداد أولى من المسلمة .
فأما الخبر فلم يذكر الإيمان فيه شرطاً ، وإنما ذكره تنبيهاً على الأدنى وكما قال تعالى : ( إن نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) [ الأحزاب : 49 ] فلم يكن ذكر الإيمان فيهن شرطاً ، وكان تنبيها يستوي فيه من آمن ومن كفر .
والجواب عن قولهم : أن تعبد ، فهو أن التعبد لما اقترن به حق الزوج جاز أن يؤخذ به وإن لم يؤخذ بحقوق الله تعالى المحضة والله أعلم .
قال الماوردي : وهذه المسالة تشتمل على خمسة فصول : قد تقدم الكلام في كل فصل منها :
أحدها : أن مناكح المشركين صحيحة وأبطلها مالك .
والدليل عليه قول تعالى : ( وامرأته حمالة الحطب ) [ المسد : 4 ] فجعلها زوجة بنكاح الشرك وقول النبي ( ص ) ‘ ولدت من نكاح لا من سفاح ‘ ولأنه لما جاز إقرارهم عليها بعد إسلامهم جاز ودل على صحتها في شركهم .