الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص279
اضطررت المعتدة إلى استعمال كحل الزينة لمرض بعينها استعملته ليلاً ومسحته نهاراً ؛ روت أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : دخل علي رسول الله ( ص ) وأنا حادة على أبي سلمة ، وقد جعلت على عيني صبراً ، فقال : ما هذا يا أم سلمة ، فقالت : إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب قال : إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار .
قال الماوردي : والدمام هو ما يغشى به الجسد ، ويطلى عليه حتى يغير لونه ويحسنه كاسفيذاج العرائس الذي يبيض اللون ، وكالحمرة التي يورد بها الخد والوجه ، فهو محظور على المعتدة في الإحداد كالصبر الذي نهى رسول الله ( ص ) أم سلمة عنه سمى دماماً من قولهم قدر مدمومة إذا طلى عليها الكلكون أو نحوه ، فهذا مما يمنع منه المعتدة في الإحداد ؛ لأنه زينة ، ولا تمنع منه المحرمة ، لأنه لا يزل الشعث ، وهكذا الخضاب تمنع منه بالحناء أو الكتم سواء ترك على حمرته أو غير حتى أسود لأنهما معاً زينة وتحصين .
روت أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن النبي ( ص ) : نهى المتوفى عنها زوجها أن تكتحل أو تختضب ، وكذلك كل لون طلي به الجسد فحسنه منعت منه المعتدة في إحدادها ؛ لأن لا يدعو شهوة الرجال إليها ؛ لأنه لا يقصد به إلا التصنع لهم بالزينة ، فإن استعملته فيما خفى من جسدها ووارته ثيابها لم يحرم عليها ؛ لأن رسول الله ( ص ) أذن لأم سلمة في الصبر ليلاً ونهاها عنه نهاراً ؛ لأنه يخفى بالليل عن الأبصار ويرى في النهار فكذلك ما أخفاه ثيابها ولم تره الأبصار غير أنها إن فعلته لغير حاجة كره فإن كان لحاجة لم يكره .