الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص277
قال الماوردي : وهذا كما قال ؛ لأن الإحداد مختص بالبدن في الامتناع من إدخال الزينة عليه التي تتحرك بها شهوة الجماع ، إما شهوتها للرجال ، وإما شهوة الرجال لها ؛ لأنه لما حرم نكاحها ووطئها حرم دواعيها كالمحرمة ودواعيها ما اختص بالبدن لا ما فارقه من مسكن وفرش ؛ لأنه لا حرج عليها في استحسان ما سكنت وافترشت ، وإنما الحرج فيما زينت به بدنها وتحركت به الشهوة لها ومنها فوافقت المحرمة في حال وفارقتها في حال ، فأما حال الموافقة فمن وجهين :
أحدهما : تحريم الاستباحة بوطء أو عقد .
والثاني : حظر ما حرك الشهوة من طيب وترجيل . وأما حال المفارقة فمن وجهين :
أحدهما : في معنى الحظر ، وأنه في المحرمة ما أزال الشعث ، ولذلك منعت من أخذ الشعر وتقليم الأظافر وأبيح لها الحلي والزينة ، ومعنى الحظر في المعتدة استعمال الزينة ، ولذلك منعت من الحلي وزينة الثياب ، وأبيح لها اخذ الشعر وتقليم الأظافر .
والوجه الثاني : أن المحظور على المحرمة يوجب الفدية عليها والمحظور على المعتدة لا يوجب الفدية عليها ؛ لأن النبي ( ص ) أذن لام سلمة في إحدادها أن تكتحل بالصبر ليلاً وتمسحه نهاراً ، ولم يأمرها بالفدية وأذن لكعب بن عجرة أن يحلق شعره في إحرامه ، وأمره بالفدية .
والفرق بينهما في المعنى أن الفدية في الإحرام لما وجبت في فاسدة وجبت في محظوراته ، ولما لم تجب الفدية في فاسد العدة لم تجب في محظوراتها ، وسنصف كل نوع من محظورات الإحداد كما وصفنا كل نوع من محظورات الإحرام .
قال الماوردي : أما الدهن فمما تستوي فيه المعتدة والمحرمة لوجود معناهما فيه ؛ لأنه يحدث الزينة فمنعت منه المعتدة ويزيل الشعث فمنعت منه المحرمة ، وإذا كان كذلك فهو على ضربين : طيب ، وغير طيب فأما الطيب فنوعان : ما كان طيباً لذاته كالبان .
الثاني : ما أدخل عليه الطيب كالورد والبنفسج ، وهما في الحكم سواء ، ويحرم على المعتدة أن تستعمله في الشعر والبدن ؛ لأنه طيب وترجيل .