پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص272

تعتد معه فيها ، وإن كانت صغيرة لا حاجز بينه وبينها ، فإن كان معهما ذو محرم جاز أن تعتد فيها إذا سترت عنه نفسها وإن لم يكن معها ذو محرم لم يجز كالدار الصغيرة وكان عليها أن تصعد إلى الأرض ، فإن لم تقدر على الصعود فهي حال ضرورة فتعتد فيها .

( فصل )

فإذا تقرر ما وصفنا من سكنى المعتدة في المسكن الذي يجب أن تعتد فيه فأرادت الخروج منه فهو على ضربين :

أحدهما : خروج نقلة فلا يجوز إلا من ضرورة يخاف بها على نفس أو مال فيجوز معها الانتقال عنه إلى غيره من أقرب المواضع إليه .

والضرب الثاني : أن تكون لحاجة تعود عليه بعد قضائها فلا يخلو حال المعتدة من أن تكون في عدة الوفاة أو في عدة الطلاق .

فإن كانت في عدة وفاة جاز أن يخرج بها في حوائجها وتعود ليلاً إلى مسكنها وروى مجاهد ، قال : استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم ، وكن متجاورات في دار فجئن إلى النبي ( ص ) فقلن : يا رسول الله إنا نستوحش الليل فنبيت عند إحدانا ، فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن ، فإذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة منكن إلى بيتها ‘ وإنما لم يفسح لهن في مفارقة منازلهن ليلا وفسح لهن في مفارقتها نهاراً ، لأن الليل زمان الخلوات والاستخفاء بالفواحش فمنعهن تحصيناً لهن وحفظاً لمياه أزواجهن في زمان الحذر من الليل ، ورخص لهن في زمان الأمن من النهار ، وإن كانت في عدة من طلاق بات لم يجز أن تخرج من منزلها ليلاً لما ذكرنا ، وفي جواز خروجها نهاراً للحاجة قولان :

أحدهما : وهو قوله في القديم ، وبه قال أبو حنيفة لا يجوز أن تخرج نهاراً لقول الله تعالى : ( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) [ الطلاق : 1 ] .

والقول الثاني : وبه قال في الجديد ، ويشبه إن يكون قول مالك يجوز لها الخروج نهاراً ، وإن لم يستحب كالمتوفى عنها زوجها ؛ لما روى أبو الزبير عن جابر : طلقت خالتي ، فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل عن الخروج فأتت النبي ( ص ) فذكرت له ذلك فقال : بلى فجدي نخلك فلعلك أن تتصدقي أو تفعلي خيراً معروفاً قال الشافعي : نخل الأنصار قريب من منازلهم والجداد يكون نهاراً فإذن فيه والله أعلم .