الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص270
قال الماوردي : والذي أراد الشافعي بذلك أن الحاكم يكتري على الغائب مسكناً إذا لم يجد متطوعاً بمسكن ؛ لأن النبي ( ص ) وإن لم يكتر لفاطمة بنت قيس مسكناً على زوجها ولا فعل ذلك أحد من خلفائه بعده ، فلأن أهل المدينة كانوا يتطوعون بإعارة منازلهم ولا يكرونها ، ولو كان كذلك في زماننا موجوداً في عرف بعض البلاد استعارة الحاكم لها ولم يكتره على زوجها ، وإنما اكتراه لأنه لم يجد معيراً وسواء وجد المعير في بلد عرفه العارية أو الكراء ، وأما الزوج إذا طلقها وهي في مسكن معار فأراد نقلها منه إلى مسكن يكتريه ، فإن كان في بلد عرف أهله العارية لم يكن له نقلها منه ما لم يرجع أهله في إعارته ، وإن كان في بلد عرف أهله الكراء ففي جواز نقلها منه وجهان :
أحدهما : ليس له نقلها ما لم يرجع أهله في إعارته كالبلد المعهود إعارته .
والوجه الثاني : له نقلها منه كي لا يلحقه من المنة فيه ما لا يلحقه في البلد المعهود إعارته .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا طالبت المعتدة بالسكنى بعد مضي المدة حكم لها بسكنى ما بقي من العدة ، وسقط حقها فيما مضى قبل المطالبة هذا منصوص الشافعي ، ولو كانت هذه المبتوتة ذات حمل وطالبت نفقتها بعد مضي بعض المدة حكم لها بنفقة ما مضى وما بقي ، وهذا نص الشافعي في نفقة الحامل فخالف فيما مضى بين السكنى والنفقة ، واختلف أصحابنا فكان بعضهم يجمع بين الحولين ، ويخرج اختلاف نصه فيهما على اختلاف قولين :
أحدهما : يحكم لها بالسكنى والنفقة على ما نص عليه في النفقة .
والقول الثاني : لا يحكم لها بالسكنى ولا بالنفقة على ما نص عليه الشافعي في السكنى وذهب اكثر أصحابنا إلى حمل الجواب منهما على ظاهرة فيحكم لها فيما مضى بالنفقة ولا يحكم لها بالسكنى .
والفرق بينهما : أن السكنى تشتمل على حق لها ، وعلى حق عليها لأن لها المسكن وعليها المقام ، فإذا تركت الحق الذي عليها في تحصين ماء الزوج حيث