پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص269

عند التناكر روعي حالها ، فإن كانت برزة أخرجها السلطان للمحاكمة ثم ردها إلى العدة بعد انبرام الحكم ، وإن كانت خفرة أنفذ السلطان إليها من يحكم بينها وبين خصومها في مسكنها كما يفعل ذلك من غير المعتدة من اعتبار البروز والخفر في إخراجها وإقرارها .

وأما حقوق الله تعالى في الحدود فيعجل استيفاؤها ولا يؤخر بالعدة ، وإن خرجت بالمرض ؛ لأن استيفاءها في المرض مفض إلى تلفها بخلاف العدة ، فإذا أراد السلطان استيفاء الحدود منها روعي حالها أيضاً في البروز والخفر ، فإن كانت خفرة أقام الحد عليها في منزلها فقد قال رسول الله ( ص ) : ‘ يا أنيس أغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ‘ وإن كانت برزة أخرجها لإقامة الحد عليها قوله تعالى ( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ألا أن يأتين بفاحشة مبينة ) [ الطلاق : 1 ] والزنا من اكبر الفواحش فإن كان الحد بما في الزنا فكانت من ذوات الشهور والأقراء رجمت ، ولم ينتظر بها انقضاء العدة ، لأن الأصل براءة الرحم والعدة موضوعة لمنعها من الأزواج ورجمها أمنع ، وإن كانت من ذوات الحمل أخرت حتى تضع أو ينفش حملها ؛ لأن الحد لا يقام على حامل ، وإن كان الحد جلداً في الزنا جلدت ، وإن كانت حائلاً وفي تغريبها قبل انقضاء العدة وجهان :

أحدهما : لا تغرب إلى بعد انقضاء العدة تغليباً لحق الزوج في تحصين مائه .

والوجه الثاني : تغرب حولاً إلى أحصن المواضع ويراعى تحصينها في التغريب في بقية العدة ، فإن استكملت حول التغريب قبل انقضاء العدة وجب ردها إلى منزلها لتقضي فيه بقية العدة .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ويكتري عليه إذا غاب ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح لأن في السكنى حقاً لها في المسكن وحقاً عليها في المقام فيه ، فإن ملك الزوج مسكناً لزمه إقرارها فيه إذا كان فيه طلاقها ، وإن لم يملك مسكناً أكتراه بماله إن حضر ، وأكتراه السلطان عليه إن غاب إذا وجد له مالاً ؛ لأن للسلطان أن يستوفي الحقوق ممن غاب عنها فإن لم يجد له مالاً اقترض عليه وهو فيه بين ثلاثة أحوال :

إما أن يقترض عليه من أجنبي فيكون ديناً على الزوج يأخذه بأدائه إذا قدم ، وبين أن يأذن لها في اكتراء مسكن ترجع عليه بأجرته إذا قدم ، وبين أن يقرضه من بيت المال أجرة مسكن يطالبه به إذا حضر ، فإن كان السلطان هو المقترض عليه ، إما من أجنبي أو من بيت المال اكترى لها مسكناً ترضاه لنفسها ، ولا يجوز في الحالين أن تتجاوز به مسكن مثلها .