الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص267
قيل : إنها ممنوعة من مقام تلك المدة لم يكن لهذا الاختلاف تأثير لوجوب العود فيهما للوقت ، وإن قيل : بمقامها تلك المدة ، فإن كان اختلافها مع الورثة فالقول قولها وإن كان مع الزوج فالقول قوله . والفرق بينهما مع تساوي الظاهر في اختلافهما مباينة لما تقدم من الأقسام الاربعة ، لأن الإذن اجتمع عليه الزوجان فإذا كان الاختلاف بينهما رجع إلى الزوج الإذن في صفة إذنه ما يرجع إليه في أصل إذنه ، وإذا كان مع الورثة رجع فيه إلى من سومه بالإذن ، وهي الزوجة دون الورثة .
والقسم السادس : أن تدعي الزوجة سفر النزهة ويدعي عليها أنه سفر المدة .
فإن قيل لا تقيم تلك المدة فلا تأثير لاختلافهما لوجوب العود فيهما .
وإن قيل بمقامها تلك المدة فالقول قول الزوجة إن كان حياً والقول قولها مع الورثة إن كان ميتاً لما ذكرنا من الفرق بينهما فهذان قسمان يختلف فيهما حكم الزوج والورثة وإن اتفق حكمهما في تلك الأقسام الأربعة ، وقد أوضحت من التعليل الموجب للفرق والتسوية ما يمنع من مخالفته ليسلم المزني من خطأ في النقل لحمل مراده على ما وافقه من تلك الأقسام الأربعة في التسوية بين الزوج وورثته ويسلم أصحابنا من الوهم في الشبهة الداخلة عليهم في تخطئته لحمل جوابه على ما وافقه من القسمين المتأخرين في الفرق بين الزوج وورثته ، وقد يتفرع على الأقسام الستة أقسام لا تخرج عن أحكام الأقسام السنة إذا حقق تعليلها فاستغنى بالمذكور عن المغفل والله ولي التوفيق .
قال الماوردي : وهو كما قال : لأن البادية تخالف الحاضرة في السكنى من وجهين :
أحدهما : صفة المساكن ؛ لأن بيوت البادية خيام نقلة ، وبيوت الحاضرة أبنية مقام .
والثاني : أن البادية ينتقلون للنجعة طلب الكلأ ، والحاضرة يقيمون في أمصارهم مستوطنين فإذا طلقت البدوية اعتدت في البيت الذي هو مسكنها من خيام النقلة وأقامت فيه ما أقام قومها ، فإن انتقلوا فلهم سبعة أحوال :
أحدها : أن ينتقل جميع الحي فتنتقل بانتقالهم منتجعة بنجيعهم ؛ لأن في مقامها بعدهم خوفاً عليها ؛ ولأن حال البادية هي الأوطان لا المكان .