الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص265
اكمال ما دخل فيه ، ولأنهما عبادتان متقابلتان فوجب أن يترجح حكم أسبقهما ألا ترى أنه لو تقدمت العدة على الأحرام غلب حكم العدة ، كذلك إذا تقدم الإحرام على العدة ، وجب أن يغلب حكم الإحرام ، ولأن الإحرام أغلظ أحكاماً من العدة فلم يجز أن يضعف عنها عند المزاحمة .
واستدلاله بأن فوات الحج قضي فهو دليل على قوته وتغليظ حكمه فلم يجز أن يجعل عند المزاحمة على ضعفه واستدلاله بأن العدة حق مشترك فهو دليل على الضعف دون القوة ؛ لأن حقوق الله تعالى المحضة أوكد .
والقسم الثالث : أن يتقدم الاحرام بالحج على العدة ثم تطرأ العدة بموت أو طلاق بعد إتمام الحج فيكون حكمها في العدة من سافرت عن إذنه ثم وجبت العدة عليها بعد السفر بموته أو طلاقه ، وذلك بأن تعود إلى بلدها فتقضي فيه عدتها على ما قدمناه .
والقسم الرابع : أن تتقدم العدة على الإحرام ثم تستأنف الإحرام بعد كمال العدة فهي مسألة الكتاب وليست من العدد ، وإنما ذكرها تبعاً ، وإذا كان كذلك ما اعترض عليها في حق الزوج بعد كمال العدة والكلام في حجها ، هل يفتقر إلى ذي محرم أم لا ؟ .
فقال أبو حنيفة : لا يجوز أن تحرم للحج إلا مع ذي محرم سواء كان فرضاً أو تطوعاً تمسكاً بقول النبي ( ص ) : ‘ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم ‘ .
وقال الشافعي : إن كان الحج فرضاً لم يكن المحرم فيه شرطاً إذا كان الطريق آمناً ، وإذا كان تطوعاً لم تخرج إلا مع ذي محرم لافتراقهما في الغرض ، وإن وجوب الحج معتبر بالزاد والراحلة ، ولو كان المحرم شرطاً لكان من شروط الاستطاعة المعتبرة في الوجوب ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال لعدي بن حاتم : يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تأم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله فلولا جوازه لما أقر عليه ، ولأن وجوب السفر يسقط اشتراط المحرم فيه كالهجرة من دار الشرك ، وقد مضت هذه المسألة في كتاب الحج مستوفاة وتأولنا الخبر على التطوع دون الفرض ، كما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : لا تصومن امرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه فحمل على صوم التطوع دون الفرض .