الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص263
والوجه الثاني : لا يلزمها العود ؛ لأنها لا تدرك قضاء العدة في المصر ، وتكون فيه بالخيار بين المقام والعود .
والقسم الثالث : أن يأذن لها أن تسافر إليه لما لا يفتقر إلى مقام فيه من رسالة تؤدى أو خبر يعرف فليس لها بعد دخوله أن تقيم فيه إلا مقام المسافر ثلاثة أيام ؛ لأن رسول الله ( ص ) أذن للمهاجر أن يقيم بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام ، وعليها أن تخرج في اليوم الرابع إن كان المسير ممكناً ، والطريق مأموناً لتعود إلى بلدها فتقضي فيه بقية عدتها ، فإن أخرها بعد الثلاث عذر من مرض أو خوف فلا حرج عليها في المقام ما كان عذرها باقياً ، فإذا زال فإن كانت العدة قد انقضت صنعت بنفسها ما شاءت وإن كانت باقية وأمكن أن تقضي بقيتها ببلدها لزمها العود إليه وان لم تدرك بقيتها في بلدها ففي وجوب العود وجهان على ما مضى .
والقسم الرابع : أن يأذن لها أن تقيم فيه مدة قدرها كأنه قال لها : أقيمي شهراً فهل لها إذا ادخلته بعد موته أو طلاقه أن تقيم فيه تلك المدة أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : وهو اختيار المزني أن تقيم تلك المدة لتقدم الإذن بها ، وعليها بعد انقضائها أن تعود إلى بلدها إن أدركت فيه بقية عدتها ، وإن لم تدركها فعلى ما مضى من الوجهين :
والقول الثاني : قد بطل الإذن بالمدة المقدرة لاستحقاق العدة في الوطن وليس لها أن تقيم إلا مقام المسافر ثلاثة أيام إلا أن يقطعها عذر فتقيم ما بقي عذرها .
والقسم الخامس : أن يأذن لها في السفر عنه إذناً مطلقاً لا يتضمن مقاماً ولا عوداً فتراعي شواهد الأحوال فيه فإن دلت على المقام أقامت ، وإن دلت على العود عادت وإن لم يكن في شواهد الأحوال دليل اقتضى مطلق الإذن أن يكون سفر مقام ؛ لأن العود سفر آخر يحتاج إلى إذن فيه فيلزمها قضاء العدة في البلد الذي سافرت إليه ثم لها الخيار بعد المدة .
قال الماوردي : اختلف أصحابنا في تأويل هذه المسألة على أربعة أوجه :
أحدها : وهو تأويل أبي إسحاق المروزي أنها صورة في الإذن لها بالزيارة والنزهة في بلدها ، ولم يرد الزيارة والنزهة في غير بلدها إذا مات أو طلقها بعد خروجها للزيارة والنزهة أن تعود إلى منزله فتعتد فيه ولا تقم على زيارتها ونزهتها بخلاف إذنه لها في الانتقال من دار إلى أخرى ، ولو مات أو طلق قبل خروجها للزيارة