پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص259

تجد متطوعاً بسكناها فتصير السكنى واجباً عليها وليس يخلو المتطوع بسكناها من أحد ثلاثة أصناف :

أحدها : الوارث يتطوع بسكناها إما من التركة إن كانت أو من ماله تحصيناً لماء ميته فيلزمها إجابته إذا أقام لها به أو بذل لها أجرته ، فإن أمكنه مسكن طلاقها كان أولى وأن أعوزه فأقرب المساكن به ، فإن أمكنه مسكن طلاقها فعدل بها إلى غيره جاز ؛ لأنه متطوع بكل واحد منهما .

والقسم الثاني : السلطان لما يراه من حفظ حقوق الله تعالى في حراسة الأنساب قد خص رسول الله ( ص ) فاطمة بنت قيس في عدتها حين أمرها أن تسكن في بيت ابن أم مكتوم ويدفع سكناها من بيت المال ؛ لأنه من جعلة المصالح الخاصة التي له فعلها وإن لم تجب .

والقسم الثالث : أجنبي يتطوع بسكناها فننظر حاله ، فإن كان متهوماً ذا ريبة لم يتعرض لها ، وإن كان سليما ذا دين قام بذله لسكناها مقام بذل الورثة ولزمها إن تسكن حيث يسكنها إذا كان مسكن مثلها وأمنت على نفسها فيكون وجوب السكنى عليها مشروطاً بهذين الشرطين ، فإن رضيت بدون مسكن مثلها جاز ، وإن رضيت بما لا يأمنه على نفسها لم يجز .

مسألة قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولو أذن لها أن تنتقل فنقل متاعها وخدمها ولم تنتقل ببدنها حتى مات أو طلق اعتدت في بيتها الذي كانت فيه ‘ .

قال الماوردي : إذا أذن لمستحقة السكنى في العدة أن تنتقل من داره إلى أخرى ثم مات أو طلق فإن كان ذلك ، وهي مقيمة في الدار الأولى ببدنها ، ورحلها ، وخدمها اعتدت فيها ، ولم تعتد في الثانية ولم يكن لما تقدم من الإذن بالنقل بأثر ، ولم يجز أن تنتقل في العدة إلى الدار الثانية ، وإن كان الموت أو الطلاق بعد الانتقال إلى الدار الثانية ببدنها ورحلها وخدمها اعتدت في الدار الثانية ، ولم يجز أن تعود في العدة إلى الدار الأولى وإن كان الموت أو الطلاق بعد أن نقلت رحلها وخدمها إلى الدار الثانية وهي مقيمة ببدنها في الدار الأولى اعتدت في الدار الأولى دون الثانية ، وإن كان الموت أو الطلاق بعد أن انتقلت ببدنها إلى الدار الثانية ، وبقي رحلها وخدمها في الدار الأولى اعتدت في الدار الثانية اعتباراً ببدنها دون رحلها وخدمها ، وكذلك في الأيمان لو قال : والله لأسكنت هذه الدار ، فانتقل منها ببدنه دون رحله وخدمه بر ولو نقل رحله وخدمه وهو مقيم ببدنه حنث .

وقال أبو حنيفة : الاعتبار في الأيمان برحله وماله دون بدنه ، فإذا حلف لا يسكنها فنقل رحله وخدمه وهو مقيم ببدنه بر ولو انتقل ببدنه خلف فيها رحله وخدمه