پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص250

إخراجها منه بغير استطالة ولا بذاءة ، وسواء كان المعير أجنبياً أو أبا أو واحد منهما ووجب على الزوج أن ينقلها إلى أقرب المواضع الممكنة منه ، إما بشراء أو إجارة أو عارية فإن اتفقا على أجرة تأخذها لتسكن حيث شاءت لم يجز ؛ لأن فيه إسقاطاً لتعيين المسكن المستحق تعيينه .

فأما قول الشافعي : ‘ وفي تركة الزوج الميت ‘ فمن أصحابنا من حمله على وجوب سكنى المتوفى عنها على أحد القولين ، ومن أصحابنا من حمله على المبتوتة إذا مات زوجها قبل انقضاء العدة في استحقاقها السكنى في تركته قولاً واحداً .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ولزوجها إذا تركها فيما يسعها من المسكن وستر بينه وبينها أن يسكن في سوى ما يسعها قال المزني : هذا خلاف قوله في عدة الوفاة ، وذلك عندي أولى وقد بينت ذلك في هذا الباب وقال في كتاب النكاح والطلاق لا يغلق عليه وعليها حجرة إلا أن يكون معها ذو محرم بالغ من الرجال ‘ .

قال الماوردي : قد مضى الكلام في وجوب سكنى المبتوتة ثم مضى الكلام بعده في موضع السكنى ، وهذه المسألة في قدر المسكن وذلك معتبر بمسكن مثلها في العرف ، لأن ما لم يتقدر لغة ولا شرعاً تقدر بالعرف المعهود ، وإذا كان كذلك روعي فيه عدمها لا عرف الزوج بخلاف النفقة ، وسكنى الزوجية التي يراعي فيها حال الزوج دونها ؛ لما توجه في هذا السكنى من حق الله تعالى عليها ، فإن كانت جليلة القدر كثيرة الجهاز والخدم احتاجت إلى مسكن مثلها من دار واسعة ذات حجر يسعها ويسع جهازها وخدمها وإن كانت من أوساط الناس ذات جهاز مقتصد وخادم واحد فدار مقتصدة لمثلها من غير حجرة تزيد عليها ، وإن كانت من دناة الناس فمنزل لطيف أو بيت في خان مشترك بحسب العرف في قدره وموضعه من أطراف البلد ، فهذا هو المسكن المعتبر في سكناها بعد الطلاق ولا يعتبر ما كان يسكنها الزوج فيه قبل الطلاق ؛ لأنها قد تكون جليلة القدر فتقنع من زوجها لما هو أقل من مسكن مثلها فلا يلزمها أن تسكن بعد الطلاق في مثله ، وقد تكون من دناة الناس فيسكنها الزوج فيما هو أكثر من حقها فلا يلزمه بعد الطلاق أن يسكنها في مثله فلا يراعى ما اقتضت به الزوجة ولا ما تبرع به الزوج بل يراعى العرف في مسكن مثلها .

( فصل )

فإذا تقرر هذا لم يخل مسكنها وقت الطلاق من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يكون مسكن مثلها ، فعليه أن يقرها فيه ولا تخرج منه ؛ لأن حقها قد تعين فيه بطلاقها فيه فلم يجز إخراجها منه ولم تنتقل عن حقها فوجب إخراج الزوج منه .