الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص232
قال الماوردي : والأصل في عدة الوفاة أنها كانت في الجاهلية وفي صدر الإسلام بحول كامل قال الله : ( والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ‘ [ البقرة : 240 ] فكانت العدة سنة ولها في العدة النفقة فنسخت النفقة بالميراث ، ونسخت السنة بأربعة اشهر وعشر وقال الله : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ) [ البقرة : 234 ] فصار الحول بها منسوخاً فإن قيل : فنسخ الشهور بالحول أولى من نسخ الحول بالشهور لأمرين :
أحدهما : أن آية الحول متأخرة في التلاوة عن آية الشهور والمتأخر هو الناسخ لما تقدمه .
والثاني : أن الحول اعم من الشهور وأزيد ، والأخذ بالزيادة أولى من الأخذ بالنقصان قيل : هذا لا يصح مع انعقاد الإجماع على خلافه من وجهين :
أحدهما : أن آية الشهور متأخرة في التنزيل عن آية الحول ، وإن كانت متقدمة عليها في التلاوة والنسخ وإنما يكون بالمتأخرة في التنزيل لا بالمتأخرة في التلاوة وقد تقدم تلاوة ما تأخر تنزيله وتتأخر تلاوة ما تقدم تنزيله مثل قوله : ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) [ البقرة : 142 ] نزل بعد قوله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) [ البقرة : 144 ] وهو متقدم عليه في التلاوة وكقوله ( لا يحل لك النساء من بعد ) [ الأحزاب : 52 ] متقدم في التنزيل على قوله ( إن أحللنا لك أزواجك ) [ الأحزاب : 50 ] وهو متأخر عنه في التلاوة .