پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص229

وإذا قيل بالثاني إنها تستأنف العدة من الطلاق الثاني ولا تبني على عدة الطلاق الأول ، وهو مذهب أبي حنيفة واختيار المزني فدليله ثلاثة أشياء :

أحدها : قول الله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) [ البقرة : 228 ] وهذه مطلقة .

والثاني : أن الرجعة قد رفعت تحريم الطلاق فارتفع بها حكم الطلاق فصار الطلاق الثاني هو المختص بالتحريم فوجب أن يكون مختصاً بوجوب العدة بعد التحريم .

والثالث : أنها قد تسري في العدة بطلاقه كما تسري فيها بردته والعدة ترتفع برجعته كما ترتفع بإسلامه ثم ثبت أنه لو طلقها بعد إسلامه استأنف العدة ولم يبن كذلك إذا طلقها بعد الرجعة استأنف العدة ولم تبن .

( فصل )

فإذا تقرر ما ذكرنا من توجيه القولين بعد ما قدمنا من إبطال قول داود في إسقاطه العدة بالطلاق بعد الرجعة ، فإن قلنا بالقول الأول إنها تبني على ما مضى من عدة الطلاق الأول نظر فيما مضى من عدة الطلاق الأول قبل الرجعة ، فإن كان قرءاً واحداً اعتدت بعد الطلاق الثاني بقرأين فلو كان قد مضى لها بعد الرجعة ، وقبل الطلاق الثاني قرءان لم تعتد بهما لما قدمناه من أنها قد صارت بعد الرجعة فراشاً وزمان الافتراش غير محتسب في العدة وإن كان الماضي في العدة قبل الرجعة قرءان اعتدت بعد الطلاق الثاني بقرء واحد وحلت للأزواج ، فإن كان الماضي لها قبل الرجعة قرء واحد وبعض الثاني لم تحتسب ببعض الثاني ؛ لأن القرء لا يتبعض واحتسب قرء واحد ، وإن قلنا بالقول الثاني إنها تستأنف العدة بثلاثة أقراء كاملة على الأحوال كلها حتى لو راجعها في آخر ساعة من استكمال العدة هدمت الرجعة جميع ما مضى ولزمها استئناف عدة كاملة .

( فصل )

ثم يتفرع ما ذكرنا فرعين :

أحدهما : فيمن خالع زوجته بعد الدخول بها وجرت في عدتها ثم استأنف نكاحها في العدة جاز .

وقال المزني : لا يجوز أن ينكحها في عدتها حتى تنقضي كما لا يجوز ذلك لغيره وهذا فاسد ؛ لأن العدة منه حفظاً لمائه فلم يمنع استئناف عقده كما لو اعتدت منه عن وطء شبهة جاز أن ينكحها في عدتها ولم يجز لغيره أن يتزوجها لئلا يختلط ماؤهما ؛ ولأن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تسق بمائك زرع غيرك ‘ فإذا ثبت جواز نكاحه لها في العدة فطلقها بعد النكاح من غير إصابة بنت على ما مضى من عدة الخلع ولم تستأنف العدة من الطلاق الثاني قولاً واحداً .