الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص228
وقال داود : قد سقطت العدة عنها وحلت للأزواح ؛ لأن الطلاق الأول قد ارتفع بالرجعة فسقطت بقية العدة ثم طلقها بعد رجعة حلت من إصابته فصار كطلاق في نكاح خلا من إصابة فلا يجب فيه عدة ، وهذا قول فاسد خرق به الإجماع ؛ لأنه يفضي إلى اختلاط المياه وفساد الأنساب وان ينكح المرأة في يوم عشرون زوجاً يدخل بها كل واحد منهم ولم تعتد لواحد منهم ؛ لأنه يتزوجها ويدخل بها ثم يطلقها ثم يرتجعها ثم يطلقها فتسقط العدة وتنكح آخر فتفعل مثل هذا إلى عشرين زوجاً ، وما أفضى إلى هذا فالشرع مانع منه ؛ ولذلك منع الشرع أن تنكح المرأة زوجين لما فيه من اختلاط المياه وفساد الأنساب ، وقول داود : يؤدي إلى أن تجمع بين من شاءت من الأزواج في يوم واحد .
أحدهما : وبه قال مالك إنها تعتد به وتبني عدة الطلاق الثاني على عدة الطلاق الأول ويكون الطلاق الثاني قد تقدم الرجعة إذا لم يتعقبها دخول .
والقول الثاني : وبه قال أبو حنيفة ، واختاره المزني أنها لا تعتد بما مضى قبل الرجعة وتستأنف العدة من الطلاق الثاني ، وتكون الرجعة قد هدمت عدة الطلاق الأول كما لو تعقبها دخول ، فإذا قيل بالأول إنها تبنى على عدة الطلاق الأول ، لا تستأنف وهو مذهب مالك فدليله ثلاثة أشياء :
أحدها : قول الله تعالى ( ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ) [ البقرة : 231 ] فلو أوجبت استئناف العدة لصار ممسكاً لها إضرارا بها ، وذلك منهي عنه .
والثاني : أن مقصود الرجعة هو الإصابة وهي أضعف من عقد النكاح وليست بأقوى منه فلما كان الطلاق يرفع عقد النكاح إذا خلا من إصابة فأولى أن يرفع الرجعة إذا خلت من إصابة فإذا رفعها صار كطلاق بعد طلاق لم يتخللها رجعة وذلك يوجب لبناء العدة دون الاستئناف .
والثالث : أن استئناف العدة من الطلاق الثاني مفضي إلى سقوط العدة بالطلاق الثاني لأنه طلاق خلا من إصابة فلما لم يجز هذا ، حمل الطلاق الثاني على عدة الطلاق الأول .