الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص207
من حمل لم يلحق به ؛ لأن ما انتفى عنه لعدم الإمكان امتنع أن تنقضي به العدة كزوجة الصغير إذا ولدت بعد موته عنها تعتد بالشهور دون الحمل .
فإن قالوا : ولد الصغير لا يلحق به إذا ادعاه قيل : كذلك هو الولد لا يلحق به لو ادعاه كما لا يحلق بالزاني ما لم يدع نكاحاً أو شبهة ، ولو جاز هذا لوجب أن لا يحكم لمطلقته بانقضاء العدة ما لم يتزوج حتى تجاوز أربع سنين لجواز أن تضع ولداً وهذا مدفوع .
فأما ولد الملاعنة فالفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أنه لم يحكم بانقضاء عدتها بغيره فجاز أن تقضي عدتها به ، وهذه قد حكم بانقضاء عدتها بغيره فلذلك لم تستدم العدة إلى حين وضعه .
والثاني : أن ولد الملاعنة قد نفاه باللعان مع إمكانه ، وهذا نفاه الشرع باستحالته فافترقا .
أحدهما : وهو الأصح أنه لا يلحق به وينتفي عنه بغير لعان ؛ لأنها تحرم عليه قبل الرجعة تحريم المبتوتة فانتفى عنه ولدها لحدوثه بعد التحريم كما ينتفي عنه ولد المبتوتة وتكون عدتها تنقضي على مذهب الشافعي ، وجمهور أصحابه بوضع الحمل ، وعندي بما تقدم من الشهور والأقراء .
والقول الثاني : أنه يلحق ولد الرجعة وإن لم يلحق به ولد المبتوتة ؛ لأن الرجعة بعد الفرقة في حكم الزوجات لوجوب نفقتها ، وميراثها ، وسقوط الحد في وطئها فكان مخالفتها للمبتوتة في هذه الأحكام موجباً لمخالفتها في لحوق الولد ؛ لأن الرجعة زوجة والمبتوتة أجنبية ، فعلى هذا اختلف أصحابنا في المدة التي يلحق به الولد بعد أربع سنين ، هل تقدم أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، وأبي علي بن أبي هريرة ، أنها غير مقدرة وأنها متى ولدته ولو إلى عشر سنين لحق الولد ما لم تتزوج ، وهذا بعيد .
والوجه الثاني : وهو أشبه أنه مقدرة بعد أربع سنين بمدة العدة ، لأن الرجعية وإن خالفت المبتوتة في زمان العدة فهي مساوية لها بعد العدة في التحريم ، ووجوب الحد في الوطء فصارت بعد انقضاء العدة كالمبتوتة بعد الفرقة فاقتضى أن يعتبر في لحوق ولدها أربع سنين بعد تساويهما ، فعلى هذا الوجه إن ولدته لأقل من أربع سنين ومدة العدة لحق به وانقضت به العدة .