الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص202
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وحكي عن عكرمة : أنها إذا و ضعت أحد الولدين ، أو خرج بعض أحدهما انتقضت عدتها ، وبطلت رجعة الزوج كما تنقضي عدة ذات الإقراء بأول الحيض كذلك الحامل تقضي عدتها بأول الحمل ، وهذا خطأ ، لقوله : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [ الطلاق : 4 ] ووضع الحمل يكون بعد انفصال جميعه ، ولأن العدة موضوعة لاستبراء الرحم وخلوه من ولد مظنون فكيف يصح أن تنقضي مع بقاء ولد موجود ، فأما ذات الأقراء فعدتها بالأطهار ، وإنما يراعي أول الحيض لاستكمالها والحامل تنقضي عدتها بوضع الحمل فاقتضى أن يراعي استكماله ، فعلى هذا لو ارتجعها بعد خروج بعض الولد وبقاء بعضه صحت رجعته ، ولو نكحت غيره بطل نكاحها ولو انفصل جميع حملها انقضت عدتها ولم يصح له الرجعة ولا يمنعها بقاء الناس من نكاح غيره .
قال الماوردي : وصورتها في رجل طلق زوجته دون الثلاث فولدت ثم اختلفا هل كان الطلاق قبل الولادة أو بعدها فادعى الزوج أنه طلقها بعد الولادة وأن عدتها بالأقراء وله الرجعة ، وقالت : بل طلقني قبل الولادة فقد انقضت عدتي بها ولا رجعة لك فلا يخلو حالهما في هذا الاختلاف من ثمانية أقسام :
أحدها : أن يتفقا على وقت الولادة أنه في يوم الجمعة ويختلفا في وقت الطلاق فيقول الزوج : هو يوم السبت ، وتقول الزوجة ، هو في يوم الخميس ، فالقول فيه قول الزوج مع يمينه وعليها أن تعتد بالاقراء وله الرجعة ؛ لأن الطلاق من فعله فرجع فيه إلى قوله كما يرجع إليه في أصل وقوعه .
والقسم الثاني : أن يتفقا على وقت الطلاق أنه كان في يوم الجمعة ويختلفا في وقت الولادة فيقول الزوج ولدت في يوم الخميس وتقول الزوجة ، بل ولدت في يوم السبت ، والقول فيه قول الزوجة مع يمينها ، وقد انقضت عدتها بالولادة لتأخرها ولا رجعة للزوج ؛ لأن الولادة من فعلها ومعلوم من جهتها .