پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص199

يعني أنه قد برئ أن تكون أمه حملت به وهي حائض لأن ما تحمله في الحيض يكون غير اللون كمداء وما يحمله في الطهر وضيء الأسارير صافي اللون ، وكانت هذه صفته .

وقوله : وداء مغيل : الوطء على الحمل ، لقول النبي ( ص ) أردت أن أنهي عن الغيلة يعني وطء الحامل حتى قيل لي أن نساء الروم يفعلن ذلك ولا يضرهن فموضع السنة المستدل بها من هذا الخبر أن عائشة رضي الله تعالى عنها نزهت رسول الله ( ص ) عن الحمل به في الحيض أمه وعن غيلتها بصفته التي يخالف حال من حملت به في حيضتها فأقرها النبي ( ص ) على هذا القول وما أنكره منها ، ولو خالف الشرع لأنكره ونهى عنه مع قوله في الغيلة : ‘ أردت أن أنهي عنها ثم عرفت أن الروم لا يضرهم ‘ يريد في الحمل الحادث منه فدل ذلك من قوله ومن إقراره على أنه لا يتنافى في اجتماع الحيض والحمل وأما الاجتماع فما روي أن رجلين تداعيا ولداً وتنازعاً فيه إلى عمر رضي الله تعالى عنه فدعي له القافة فالحقوه بهما ، فدعا له عجائز قريش وسالهن عنه فقلن : إنها حملت به من الأول وحاضت على الحمل فاستخشف الولد ، فلما تزوج بها الثاني انتعش بمائة فأخذ الشبه منه ، فقال عمر : الله أكبر وألحق الولد بالأول ، وكانت هذه القصة شهدها المهاجرون والأنصار ، وسمعوا ما جرى فأقروا عليه ولم ينكروه ، فدل على إجماعهم عليه . وأما الاستدلال فهو ما انعقد الإجماع عليه فيمن وطئ في حيض أو عقد نكاحا على حائض فجاءت بولد لستة أشهر من وطئه وعقده في الحيض أن الولد لاحق به لوجود زمان حمله من وقت وطئه وعقده ، فدل ذلك من إجماعهم على جواز حملها في الحيض ، ولولا ذلك لاعتبروا ستة اشهر من بعد انقضاء حيضتها فإن فرقوا بين علوق الولد وبين الحمل جوزناه قياساً ، فقلنا : إن كل حالة لا تنافي علوق الولد لا تنافي الحمل كالظهر لأنه لما صح حدوث الحمل على الحيض صح حدوث الحيض على الحمل ؛ لأنهما لا يتنافيان ؛ ولأن ما تأخر به الحيض في الغالب لم يمنع من ثبوت حكمه إذا حدث نادرا كالرضاع ، لأن الحيض يتأخر به الحمل ، ولأن الأقراء بالعدة أقوى من الشهور والحمل فيها أقوى من الاقراء فلما انتقلت إلى الحمل مع وجود الشهور جاز أن تنتقل إلى الحمل مع وجود الاقراء ، وهذا استدلال المزني وفيه انفصال .