الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص190
ودليلنا : قوله تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن ثلاثة أشهر وعشراً ) [ البقرة : 234 ] . فكان على عمومه ولأنه ولد لا يمكن أن يكون منه فلم يقع الاعتداد به كما لو ظهر بعد موته ، ولأنه حمل لا تنقضي به العدة لو ظهر بعد وجوبها فوجب أن لا تنقضي به العدة إذا ظهر قبل وجوبها قياساً على زوجة الحي إذا وضعته بعد طلاقه لأقل من ستة أشهر من وقت عقده ، ولأن هذه العدة موضوعة للتعبد لا لاستبراء الرحم فكانت مقصورة على ما ورد به التعبد من الشهور دون ما يقع به الاستبراء من الولادة .
فأما الجواب عن قوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [ الطلاق : 4 ] . فمن وجهين :
أحدهما : أنها في المطلقة لاتصالها بالطلاق ، وعدة الوفاة منصوص فيها على الشهور ، وإنما اعتدت بالحمل إذا كان لاحقا بالسنة في حديث سبيعة الأسلمية .
والثاني : أنها محمولة على حمل يمكن أن يكون منه لإجماعنا أنه لو ظهر بها بعد موته لم تعتد به .
فإن قيل : فعدة المتوفى عنها بالشهور في سورة البقرة ، وهي متقدمة وعدتها بالحمل في سورة الطلاق ، وهي متأخرة والمتأخرة ناسخة للمتقدمة وبهذا احتج ابن مسعود على علي وابن عباس حين قالا : إن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً اعتدت بأقصى الأجلين .
وقال ابن مسعود : بل يوضع الحمل وإن كان أقصر ، واحتج عليهم بآية الحمل لتأخرها ، وقال : من شاء باهلته ، إن السورة الصغرى نزلت بعد الطولى يعني نزلت سورة الطلاق بعد سورة البقرة ، فعن ذلك جوابان :
أحدهما : أن عليا وابن عباس قد خالفا فلم يكن حجة .
والثاني : أنه ليس فيها نسخ فيقضي بالمتأخر على المتقدم ، وإنما تخص إحداهما بالأخرى والتخصيص قد يجوز أن يكون بمتقدم ومتأخر ، وقد أجمعنا أن آية الحمل مخصوص بالشهور إذا كان ظاهر العقد موت الصبي فكذلك إذا ظهر قبل موته ، لأنه في الحالين غير لاحق به .
وأم الجواب عن الخبر فكالجواب عن الآية .
وأما الجواب عن قياسهم على البالغ فالمعنى فيه إمكان لحوقه به فلذلك اعتدت بوضعه ، وحمل الصبي لا يلحق به فلذلك لم تعتد بوضعه .
وأما الجواب عن قياسهم على ولد الملاعنة فهو جواز كونه منه ، ويلحق به لو