الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص179
أصحابنا من زيادة العلم بالوجود ، وإنما أراد زيادة العلم بالنقل عن الشافعي ، لأنه ممن لا يخيل عليه مثل هذا فينسب إليه والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن أقل الطهرين الحيضتين خمسة عشر يوماً اعتباراً بأقل الوجود المعتاد ، لأن ما لم يتقدر بالشرع واللغة تقدر بالعرف والعادة كالقبض والتفرق ، فلو وجدنا طهراً معتاداً كان أقل من خمسة عشر يوماً انتقلنا إليه وعمل عليه وذلك يكون بأحد وجهين :
إما أن يتكرر طهر المرأة الواحدة مراراً متوالية أقلها ثلاث مرارا من غير مرض ولا عارض ، فإن تفرق ولم يصر عادة .
وإما بأن يوجد مرة واحدة من جماعة نساء أقلهن ثلاث نسوة ، وهل يراعى أن تكون ذلك في فصل واحد من عام واحد أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يراعى وجود ذلك منهن في فصل واحد من عام واحد ، فإن اتفق عليه في فصلين من عام واحد أو فصل واحد من عامين لم يصر عادة معتبرة ليكون اختلاف طباعهن مع اتفاق زمانهن شاهد على صحة العادة احتياطاً لها .
والوجه الثاني : أن ذلك غير معتبر ، وإن اختلف في الفصول والأعوام جاز وصار عادة ليكون انفى للتواطؤ وأبعد من التهمة ولا يقبل ذلك إلا من نساء ثقات تجوز شهادتهن لما فيه من إثبات حكم شرعي ، ولا يقبل خبر المعتدة معهن في حق نفسها لتوحه التهمة إليها وفي قبولها في حق غيرها وجهان :
أحدهما : لا يقبل لرده بالتهمة .
والثاني : لا تقبل ، لأنها ثقة فإذا انتقلنا في أقل الطهر عن الخمسة عشر إلى ما هو أقل في أحد الوجهين المذكورين واعدت المعتدة انقضاء عدتها بالطهر الأقل قبل قولها فيما نقض عنها وإلى وقتنا من هذا الزمان لم يستمر طهر نقضي عنها فلا تقبل فيه قول وإن لم ينتقل عن الخمسة عشر بأحد الوجهين لم يقبل قولها معتدة – والله أعلم – . مسألة : قال الشافعي : ‘ وكذلك تصدق على الصدق ‘ .
قال الماوردي : وهو كما قال : إذا ادعت انقضاء العدة بالسقط كان قولها مقبولا إذا امكن لقوله تعالى : ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن )