الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص166
من الطهر والحيض وتنقضي عدتها بدخولها في الطهر الرابع ، واستدل من جعل الأقراء الحيض بقول الله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) [ البقرة : 228 ] فاقتضت الآية استيفاء ثلاثة أقراء ، ومن جعلها الأطهار ، لم يستوفها إذا طلقت في طهر وجعل عدتها منقضية بقرأين وبعض ثالث ، ومن جعل الحيض استوفاها كاملة فصار بالأطهار أخص لأنه لما تنقض الأقراء الثلاثة كما لم تنقض الشهور الثلاثة .
ثم قال عقيبة : ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) [ البقرة : 228 ] يعني ما تنقضي به العدة من حمل وحيض فدل على أن الأقراء المعتد بها هي الحيض وقوله تعالى : ( فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلاق : 1 ] ولم يقل في عدتهن ، والطلاق لها غير الطلاق فيها ، ومن جعل الأقراء الأطهار قد جعل الطلاق في العدة إذا طلقت في طهر ، ومن جعلها الحيض استقبل بها العدة فكان بالظاهر أحق ، وبقوله تعالى ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) [ الطلاق : 4 ] فنقلها عما يئست منه إلى بدله ، والبدل غير المبدل فلما كان الإياس من الحيض دل على أن الأقراء هي الحيض ، واستدلوا من السنة برواية مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ طلاق الأمة طلقتان وعدتها حيضتان ‘ وهذا نص في الاعتداد بالحيض دون الطهر ، ولما روي عن النبي ( ص ) أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش : ‘ اقعدي عن الصلاة أيام أقرائك ‘ يعني : أيام حيضتك فكان ذلك أيضاً قضاء على الحيض في الأقراء ، واستدلوا من الاعتبار بأن الإجماع منعقد على أن انقضاء العدة يكون بالحيض ؛ لأن من يجعلها الأطهار جعل عدتها متقضية بدخولها في الحيض ، ومن جعلها الحيض جعل عدتها متقضية بخروجها من الحيض ، فقاسوا الطرف الأول على الطرف الثاني فقالوا : أحد طرفي العدة فوجب أن يكون حيضها الثاني .
قالوا : ولأن العدة إذا انقضت بخروج كامل وقت انقضائها على انفصال جميعها كالحمل لا ينقضي بخروج بعضه كذلك بالحيض الأخير لا ينقضي العدة بخروج بعضه حتى يستكمل .
قالوا : ولأن مقصود العدة يراد براءة الرحم عن الحمل ، وذلك يكون بالحيض دون الطهر فكان اعتبار الاقراء بما يرى أولى من اعتبارها بما لا يرى ولأن موضوع العدة الاستبراء في الحرة والأمة ثم ثبت أن استبراء الأمة بالحيض دون الطهر ، فكذلك الحرة ؛ لأن الاعتداد بالأقراء عند فقد الحمل فكانت بدلاً منه ثم ثبت أن الاعتداد