الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص161
إمكان الوطء لا يقوم مقام الوطء فبطل أن يكون معتبراً ولم يبق الاعتبار العقد فوجب أن يكون الولد معتبراً به .
قالوا : ولأن فرج الزوجة محل لماء الزوج ومستحقاً له فوجب أن يكون أحق بما ينبت فيه كالأرض التي يستحق مالكها ما ثبت فيها ، قالوا : ولأنه يملك ماء زوجته كما يملك ماء أمته ، ثم ثبت أن ماء الأمة لو انعقد ولداً كان للسيد فوجب إذا انعقد ماء الزوجة ولداً أن يكون للزوج .
ودليلنا : هو أن كل ما استحال أن يكون منه امتنع أن يكون لاحقاً به كزوجة الصغير ، وكالمولود لأقل من ستة أشهر ، فإن قيل فالصغير من الازواج لا يسمى فراشاً والمولود لأقل من ستة أشهر حادث في غير ملكه ، فلذلك انتفى الولد عنهما وخالفهما ما عداهما ، قيل أما الصغير فإن كان الفراش اسماً للزوج فهو زوج فوجب أن يكون فراشاً وإن امتنع من تسميته فراشاً لاستحالته أن يكون الولد منه فمثل استحالته موجود في ولد المغربية من المشرقي ، وأما المولود لأقل من ستة اشهر فإن انتفى عنه لاستحالة وجود مائة في ملكه فكذلك ولد المغربية وإن كان لوجود الماء في غير ملكه بطل طرده بالصبي لوجود الماء في ملكه ولا يلحق به ، وبطل عكسة بالوطء لشبهة أو في نكاح فاسد يلحق به ، وإن كان في غير ملكه .
وإذا بطل طرده وعكسه لم يبق إلا أن يكون لاستحالة وجوده في مائه ، كذلك في هذه المسائل المستحيلة ، ولأن استحالة الاستلحاق يمنع من ثبوت النسب كالشاب إذا ادعى شيخاً ولداً ولأنه لما انتف عنه ولد الملاعنة تغليباً لصدقه ، وإن جاز أن يكون كاذباً فلأن ينتفي عنه الولد في هذه الأحوال مع استحالة كذبه والقطع بصدقه أولى .
فأما الجواب عن قولهم إن الفراش اسم للزوج ، فهو أن الفراش بالزوجة أخص ، لأن الفراش مشتق من الافتراش فكانت الزوجة أشبه بهذه الصفة من الزوج ألا ترى أن عبد بن زمعة قال : أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه .
فأقر على ذلك ولم ينكر عليه ، وما قال الشاعر فإنه مجاز واتساع وأما الجواب عن قولهم أن إمكان الفعل لا يقوم مقام الفعل فهو أن إمكان الفعل وإن لم يقم مقام الفعل فهو معتبر عندنا وعندهم ، لأننا اعتبرنا إمكان الوطء واعتبروا زوجاً أمكن أن يكون منه الوطء فكان اعتبارنا أولى من وجهين :
أحدهما : أنه أعم من اعتبارهم .
والثاني : أن لحوق الولد في اعتبارنا ممكن وفي اعتبارهم مستحيل
فأما الجواب عن قولهم أن فرج المرأة ملك للزوج كالأرض فمن وجهين :