الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص158
في نفيه لم يجز أن يكون كاذباً في دعواه فاقتضى أن يكون الاستبراء شرطاً واجباً في رفع الفراش ونفي الولد ، فإن جاءت بولد بعد الاستبراء لأقل من ستة اشهر فهو لاحق به للعام بتقدمه على استبرائه سواء استبرأها بالأقراء أو بالولادة وإن جاءت بولد لستة أشهر فصاعداً من وقت استبرائها نظر في الاستبراء ، فإن كان بولد وضعته لم يحلق به الثاني باتفاق أصحابنا ، لأنه إن كان بين الولدين ستة أشهر فصاعداً كانا من حملين فصار الثاني حادثاً من وطء بعد الاستبراء يقيناً فلذلك لم يلحق به ، وإن كان قد استبرأها بالأقراء فمذهب الشافعي أنه لا يلحق به .
وقال أبو العباس بن سريج : إن وضعته لأقل من أربع سنين لحق به كالحرة والمطلقة يلحق به ولدها بعد العدة إذا وضعته لأقل من أربع سنين وهذا هو القياس عندي ، وإن كان نص الشافعي على خلافه في ولد الأمة ، وقال : إنها إذا وضعته بعد الاستبراء لستة أشهر فصاعداً لم يلحق به بخلاف ولد الحرة وفرق أصحابنا بينهما بأن ولد الحرة يلحقه بالإمكان ، والإمكان موجود فيما دون أربع سنين فلذلك لحق به ، وولد الأمة يلحق بالعلم بالوطء والعلم غير موجود فيما زاد على ستة أشهر فلذلك لم يلحق به وفي هذا الفرق وهاء إذا استبرأ فعلى هذا لو ادعى السيد الاستبراء لنفي الولد ، وأنكرته الأمة ففي وجوب إحلافه وجهان :
أحدهما : لا يمين عليه وهذا على الوجه الذي حكاه ابن أبي هريرة أن نفيه معتبر بدعوى الاستبراء لا بفعله .
والوجه الثاني : وهو قول الجمهور : أن اليمين عليه واجبة إذا قيل إن نفيه معتبر بفعل الاستبراء لا بدعواه فعلى هذا في كيفية يمينه وجهان :
أحدهما : يحلف بالله لقد استبرأها قبل ستة أشهر من ولادته .
والوجه الثاني : يحلف بالله لقد ولدته لستة أشهر بعد استبرائه فإن حلف انتفى عنه ، وإن نكل فعلى وجهين مضيا :
أحدهما : يكون لاحقا به له .
والوجه الثاني : أن اليمين ترد على الأمة ، فإن حلفت لحق به وكانت صفة يمينها على ما ذكرنا من الوجهين في يمين السيد وإن نكلت عن اليمين كانت موقوفة على بلوغ الولد فيحلف بالله أنه ولده وجهاً واحداً ، فإن حلف لحق به ، وإن نكل انتفى عنه وقد مضى في هذا الاتصال من شرح المذهب ما لم تجديداً منه فلذلك أطنبت وإن كنت للإطالة كارهاً وبتوفيق الله مستعيناً .