الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص155
اعترضوا على الاستدلال بهذا الخبر من خمسة أوجه :
أحدها : أنه حكم به لعبد بن زمعة عبداً لا ولداً لأمرين :
أحدهما : قوله لعبد بن زمعة ، هو لك فهذه الإضافة تقتضي الملك دون النسب .
والثاني : ما روي أنه قال : ‘ هو لك عبد ‘ والجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن التنازع كان في نسبه دون رقه فكان الحكم مصروفاً إلى ما تنازعا فيه .
والثاني : أنه علل بالفراش والفراش علة في ثبوت النسب دون الرق .
والثالث : أننا روينا أنه ( ص ) قال : هو لك يا عبد بن زمعة أخاً ‘ وما رووه من قوله ( ص ) : ‘ هو لك عبد ‘ محمول على النداء ، كأنه قال يا عبد فحذف حرف النداء إيجازاً كما قال تعالى : ( يوسف أعرض عن هذا ) [ يوسف : 29 ] يعني يا يوسف .
والاعتراض الثاني : أن قالوا : دعوى النسب تصح من جميع الورثة ، ودعوى الملك تصح من بعضهم .
وقد كان لزمعة ابن هو عبد المدعي ، وبنت هي سودة زوج النبي ( ص ) ولم تدع ، فدل على قصور الدعوى على الملك دون النسب .
والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنه قد صرح في الدعوى بالنسب دون الملك . فقال : أخي وابن وليدة أبي فلم يجز أن يحمل على غيره .
والثاني : أن تفرده بالدعوى مع إمساك سودة محتمل لأحد أمرين : إما لاستنابتها له لأنه ألحق بحجته ، وإما لأنه كان وارث أبيه دونها ؛ لأن زمعة مات كافراً وقد أسلمت سودة قبله وأسلم عبد بعده ، فورثه عبد دونها ، فلذلك تفرد بالدعوى .
الاعتراض الثالث : أن قالوا : قد أمر رسول الله ( ص ) سودة أن تحتجب منه ولو كان أخاً لها لما حجبها عنه فدل على أنه نفي نسبه ولم يلحقه .
والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنه قد حكم لعبد بما ادعاه من نسبه ، والحكم بالدعوى محمول على إثباتها دون إبطالها .
والثاني : أنه لو نفاه لأجرى عليه حكم الرق ، ولم يفعل ذلك وأمره سودة بالاحتجاب عنه محمول على أحد وجهين : إما لأن يبين بذلك أن للزوج أن يحجب زوجته عن أقاربها فيصير ذلك منه ابتداء لبيان الحكم ، وإما لأنه رأى فيه شبهاً قوياً من عتبة ، وقد نفاه الشرع عنه بالفراش الثابت لغيره ففعل ذلك إما بطريق الاستظهار ، وإما لأن ترى سودة ما فيه من الشبه بعتبة فترتاب في نسبه .