الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص133
قال الماوردي : وهذا صحيح من شروط صحة اللعان وثبوت حكمه أن يكون بحكم الحاكم ومشهده ، ولا يصح لعان الزوجين بأنفسهما ، وإنما كان كذلك ، لأن النبي ( ص ) لاعن بين العجلاني وامرأته ، وبين هلال بن أمية وامرأته ولم يكن يستنيبه عنه شرطاً فيه ، ولأن اللعان يمين عندنا ، وشهادة عند غيرنا ، ولا يثبت حكم واحد منهما في الحقوق إلا عند الحاكم ، ولأن اللعان قد تتعلق به حدود لا يستوفيها ويقيمها إلا الحاكم كسائر الحدود ، ولأنه فيمن صح لعانه خلاف ولا يتقرر إلا بالحكم ، ولأن اللعان قد يتعلق به حق لغير الزوجين في نفي حمل أو ولد أو مسمى في قذف ، فلم يتولاه إلا الحاكم لينوب عمن غاب .
فإن قيل : إن اللعان موضوع للفرقة ، فكان ملحقاً إما بالطلاق أو بالفسخ وليس الحاكم شرطاً في واحد منهما .
قيل : قد يتعلق باللعان من الأحكام في الحدود ونفي النسب ما لا يتعلق بطلاق ولا فسخ ، على أنه من الفسوخ ما لا يصح إلا عند الحاكم ، فكان اللعان أولى .
وروي أن وفداً قدم على رسول الله ( ص ) وفيهم رجل يكنى أبا الحكم ، فقال : لما كنيت أبا الحكم ، فقال : لأن قومي يحكموني بينهم فأحكم ، فلم يرد عليه ، ولا نهاه عنه من بعد .