پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص131

قال الماوردي : وهذا كما قال كنايات القذف ومعاريضه لا تكون قذفاً إلا بالإرادة في الغضب والرضى جميعاً .

وبه قال أبو حنيفة ، وأكثر الفقهاء وقال مالك ، واحمد وإسحاق : اكثر المعاريض قذف في الغضب دون الرضى كقوله : أنا ما زنيت ، أو يا حلال ابن الحلال .

حكي أن رجلا أتى مالكاً فقال : ما تقول في رجل قال لرجل : يا زان ابن الزانية ، قال : هو قاذف ، قال : فإن قال : يا حلال ابن الحلال ، قال هو قاذف ، فقال الرجل : يكون قاذفاً إذا قال : يا حلال ابن الحلال وإذا قال : يا زاني ابن الزانية ، فقال مالك : قد يأتيه [ الباطل ] بلفظ الحق واستدلوا على ذلك بقوله تعالى : ( وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) [ سبأ : 24 ] . فكان صريح الآية أن أحدهما على هدى والآخر على ضلال ، ودليلها في موضع الخطاب والتعريض بالذم أن النبي ( ص ) وأمته على هدى ، وإن المشركين على ضلال مبين ، فكذلك حكم المعاريض كلها .

وروى سالم عن أبيه : أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حد في التعريض بالزنا ، وليس له مخالف ، فكان إجماعاً ، ولأن احتمال التعريض يصرفه الغضب إلى الصريح ، لأن شاهد الحال أظهر من الإعتقاد .

ودليلنا ما رواه الشافعي عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة : أن رجلاً من فزارة أتى رسول الله ( ص ) ، فقال : يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسود . فقال النبي ( ص ) : الك إبل ، قال نعم : قال ما ألوانها ، قال : حمر كلها ، قال : هل فيها من أورق ؟ قال : نعم ، قال : أنى ترى ذلك ؟ قال : لعل عرقاً نزع ، قال : كذلك هذا لعل عرقاً نزع ) ) .

فلم يجعل النبي ( ص ) هذا التعريض بالقذف صريحاً فإن قيل : إنما يكون صريحاً في الغضب ولم يظهر منه غضب ، قيل حاله يشهد بغضبه لأنه أنكر من زوجته وهما أبيضان أن تلد غلاماً أسود يخالفهما في الشبه . ويدل عليه ما روي أن رجلاً أتى رسول الله ( ص ) ، فقال : يا رسول الله إني امرأتي لا ترد يد لامس ، فقال طلقها ، فقال : إن أحبها ، قال : أمسكها وهذا تعريض بالقذف ولم يجعله قاذفاً .

فإن قيل : المراد بقوله : ‘ يد لامس ‘ ، أريد به ملتمس ، أي طالب لما له لتبذيرها له في كل سائل وطالب ، ولم يرد التماس الفاحشة فيكون تعريضاً ، قيل : لا يجوز حمله على هذا التأويل المخالف لأمرين :