الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص129
يحبس بواحد . ( قال المزني ) رحمه الله هذا دليل على إثباته كفالة الوجه في غير الحد ‘ .
قال الماوردي : وللكفالة بالنفس حالتان :
إحداهما : في حقوق الله عز وجل .
والثاني : في حقوق الآدميين ، فأما في حقوق الله سبحانه وتعالى فلا يصح ، لأنها إن كانت في حدود فهي موضوعة على الإدراء والتسهيل وإن كانت في أموال فهي موكولة إلى أمانته إن تعلقت بذمته أو زكاة تؤخذ من عين ما بيده ، أما حقوق الآدميين فضربان : أموال ، وحدود .
فأما الأموال فالذي نص عليه الشافعي – رضي الله عنه – في أكثر كتبه أن الكفالة بالنفس فيها جائزة وقال في كتاب الدعاوي والبينات : غير أن كفالة الأبدان عندي ضعيفة . فاختلف أصحابنا في مراد الشافعي – رضي الله عنه – بتضعيفها ، فمنهم من حمله على إبطالها وخرج كفالة النفس على قولين ، ومنهم من حمله على ضعفها في القياس ، لأنه ضمان عين بعقد لكن جاز للضرورة الداعية إليه وكما خالف ضمان الدرك مع مخالفة الأصول ، وأما الحدود كالقصاص وحد القذف ، فقد اختلف فيه أصحابنا على وجهين :
أحدهما : أنه كحدود الله تعالى التي لا تجوز الكفالة فيها ، لأنه لما لم يجز فيها ضمان ما في الذمة لم تجز فيه الكفالة بذي الذمة ، وبهذا المعنى فارق الكفالة في المال .
والوجه الثاني : من مذاهب أصحابنا : أنها كالأموال في جواز الكفالة فيها بالنفس على ما قدمنا من الشرح ، لأن جميعها من حقوق الآدميين التي يباشر فيها من هي عليه ويستوثق فيها لمن هي له وليس على الكفيل بالنفس المطالبة بالحق الذي في الذمة ، فاستوى فيها ما يجوز ضمانه وما لا يجوز .
قال الماوردي : وهذه المسألة : ذكرها المزني في مختصره ولم يذكرها في جامعه ، فجعل قوله لها زنا فرجك أو يدك ، أو رجلك ، قذفاً ولم يذكر الشافعي هذه المسألة إلا في القديم فقال : ولو قال : زنا فرجك فهو قاذف ، وإن قال : يدك أو