الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص128
والعلة الثانية : أنه قذف بزناء فعلى هذا لا يجب عليه بهذا القذف إلا حد واحد لأنه زنا واحد .
وقال أبو حنيفة – رضي الله عنه – يحد للمسمى ، ولا يسقط بلعانه وإن ذكره فيه لاختصاص اللعان بالزوجات دون الأجانب ، فصار كمن قذف زوجته وأجنبية ولم يسقط حد الأجنبية بلعانه من الزوجة ، ودليلنا : هو أن العجلاني سمى شريك بن السحماء فلم يحده رسول الله ( ص ) له بعد لعانه فدل على سقوط الحد به ، ولأن لعانه قد أوجب تصديقه في حد الأجنبي ، لأنه زنا واحد فلم يجز أن يكون فيه مصدقاً ومكذباً وإن لم يذكره في لعانه وطالب بحده ، فإن أعاد اللعان فذكره فيه فلا حد فيكون هذا اللعان لاستدراك ما أخل به في اللعان الأول .
وإن لم يعده ففي وجوب حده قولان :
أحدهما : لأنه لا يسقط باللعان حد من لم يسم .
والقول الثاني : لا حد لأنه زنى واحد وقد حكم بتصديقه فيه بلعانه من زوجته فسقط الحد المتعلق به .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا ادعت المرأة على زوجها أنه قذفها فأنكر . فأقامت عليه شاهدين ، أو كانت دعوى القذف بين أجنبيين ، نظرت عدالة الشاهدين ، فإن علمت عدالتهما حكم بهما ، وإن علم جرحهما أسقطت شهادتهما ، وإن جهل حالهما حبس القاذف حتى يستكشف عنهما لأمرين :
أحدهما : أن الظاهر عدالة الشاهدين وإنما يتوقف للكشف عن جرحهما . والثاني : أن المدعي قد فعل ما عليه من إحضار البينة وبقي ما على الحاكم من معرفة العدالة ، فأما إن شهد بالقذف شاهد واحد فإن لم يعرف عدالته لم يحبس القاذف وإن عرفت عدالته فهل يحبس على حضور الشاهد الآخر ؟ فيه قولان :
أحدهما : يحبس ، لأنه كما حبس مع كمال العدد ونقصان العدالة جاز أن يحبس مع كمال العدالة ونقصان العدد .
والقول الثاني : لا يجوز حبسه لأن البينة بكمال العدد موجودة وبنقصانه مفقودة .