پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص125

وأما الثاني من الوجهين في الفرق بين العفة والعدالة بوجوب البحث عن العدالة دون العفة ، فالجواب عنه : أن أصحابنا قد اختلفوا في وجوب البحث عن العفة مع إجماعهم في وجوب البحث عن العدالة ، فلهم في ذلك وجهان :

أحدهما : أنه يجب البحث عن العفة في حق القاذف لأن جنبه حمي فلا يستباح عرضه بالاحتمال ، فعلى هذا لا فرق بين العفة والعدالة .

والوجه الثاني : أنه لا يجب البحث عن العفة ، وإن وجب البحث عن العدالة .

والفرق بينهما : أن البحث عن العدالة إنما يجب في حق المشهود عليه ولم تظهر منه معصية فجاز الاستظهار له بالبحث عن عدالة من شهد عليه وليس كذلك في العفة ، لأن البحث عنها في حق القاذف والقاذف عاص بقذفه وإن كان صادقاً لما ندب إليه من الستر على أخيه ، وقد قال رسول الله ( ص ) : ‘ هلا سترته بثوبك يا هزال ‘ فكان بأن يستظهر عليه المقذوف بترك البحث أولى من يستظهر له ، ثم افتراق العفة والعدالة في البحث لا يمنع من أن يستويا في العلم بهما من طريق الاستدلال .

فأما الجواب عن دليل المزني فهو أن العلم بتقدم الرق ، والبكارة ، وقيمة النصاب في السرقة ، معلوم قطعاً فلم يؤثر فيه ما حدث بعده . وليس كذلك العفة ، لأنها معلومة استدلالا فأثر فيها ما حدث بعدها كالعدالة .

( فصل )

فإذا ثبت أن زنا المقذوفة يسقط الحد عن قاذفها فقد قال الشافعي – رضي الله عنه – ‘ أوطئت وطئاً حراماً ‘ فجمع في سقوط الحد عن القاذف بين زناها وبين وطئها حراماً ، وهذا الجمع على تفصيل لا يمكن حمله على الظاهر . والوطء الحرام ينقسم خمسة أقسام :

أحدها : ما يوجب الحد ويسقط العفة وهو أن يطأ ذات محرم له بعقد نكاح ، أو يطأ جارية أبيه أو جارية زوجته التي دفعها صداقاً فيجب في ذلك الحد إذا علم . وتسقط به عفته ، ويكون كالزنا في سقوط الحد على القاذف .

والقسم الثاني : ما تسقط به عفته وفي وجوب الحد عليه قولان : وهو أن يطأ ذات محرم بملك يمين من نسب أو رضاع ، كمن ملك أمه من الرضاع ، أو أخته من نسب أو رضاع ، فوطئها بملكه ففي وجوب الحد عليه قولان مضيا في كتاب النكاح :

أحدهما : يحد .

والثاني : لا يحد ، وعفته على القولين معاً ساقطة ويسقط بها الحد عن قاذفه .

والقسم الثالث : ما لا يوجب الحد ولكن يسقط بالعفة وهو أن يطأ جارية ابنه ، أو