الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص119
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد : يجب بقذفهما حدان لأنهما مقذوفان فإذا ثبت هذا وقذف زوجته وأجنبية بكلمة واحدة فحكم قذفهما مختلف لأن قذف زوجته يسقط باللعان ولا يسقط به قذف الأجنبية ، فإذا كان كذلك فله حالتان :
أحدهما : أن يلتعن ولا يسقط به قذف الأجنبية ، فإذا كان كذلك فله حالتان : أحدهما : أن يلتعن من زوجته فيسقط به حد قذفها ويحد للأجنبية ، لأن اللعان كالبينة في حق الزوجة دون الأجنبية .
فإن قيل : فالأجنبية تبع لزوجته في القذف ، فهلا سقط باللعان حقها في القذف كما لو قذف زوجته برجل سماه فسقط حدهما بلعانه ولو كان أجنبياً لكونه تبعاً .
قيل : لأن قذفه للرجل بزوجته هو زناء واحد ، فإذا أثبته باللعان في حق زوجته ثبت في حق الأجنبي ، وليس كذلك قذف زوجته مع الأجنبية ؛ لأنه قذف بزنائين فلم يوجب إثبات أحدهما ثبوت الآخر فافترقا .
والحال الثانية : أن لا يلتعن من زوجته فقد اختلف أصحابنا في قدر ما يحد لهما ، فمنهم من خرجه على قولين كما لو جمع في القذف بين أجنبيين أحدهما حد واحد والثاني حدان .
وقال آخرون : بل يحد به لهما حدين قولاً واحداً بخلاف الأجنبيين ؛ لأن قذفهما متساوي الأحكام وقذف زوجته مع الأجنبية مختلف الأحكام .
قال الماوردي : اعلم أن قذف الواحد لجماعة ضربان :
أحدهما : أن يفرد قذفهم .
والثاني : أن يشرك بينهم فإن أفرد قذفهم وقذف كل واحد منهم بكلمة مفردة فقال : قد زنيت يا زيد وزنيت يا عمرو ، وزنيت يا بكر ، فلا يختلف مذهب الشافعي وأكثر الفقهاء أن عليه لكل واحد منهم حداً .
وقال مالك يحد لجميعهم حداً واحداً ؛ لأن الزنما أغلظ من القذف فلما تداخلت حدود الزنا فأولى أن تتداخل حدود القذف ، وهذا فاسد لأن حد القذف من حقوق الآدميين ، وحقوق الآدميين إذا اجتمعت لم تتداخل كالقصاص والديون لما في