پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص107

والثاني : أنه عبر عن زنا الرجل بزنا المرأة ، وزنا المرأة تمكين وزنا الرجل فعل ، فإذا نسب الرجل إلى التمكين وسلب الفعل لم يكن زانياً فلم يصر ذلك قذفاً .

والدليل على أنه قذف : هو أن اللفظ إذا كان مفهوم المعنى معقول المراد ثبت حكمه صواباً كان أو لحناً كالذي قدمناه ، ومفهوم من قولها : يا زانية ، إرادة القذف فوجب أن يكون قذفاً ، كما لو قال لها : يا زان ، وتحرير هذا المعنى قياساً أن كل ما كان صريحاً في مقذوف كان صريحاً في كل مقذوف كاللفظ المذكر في النساء ، ولأن العلامة الفاصلة بين الذكور والإناث تسقط مع الإشارة إلى الغير كقوله لعبده أنت حر ، ولأن كل لفظ استوى الذكور والإناث في حكم تذكيره استويا في حكم تأنيثه كالعتق ولأن دخول الهاء على اللفظ المذكر موضوع للمبالغة دون السلب كما قال تعالى : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) [ القيامة : 14 ] . كقولهم : علامة ونساية ، فلم يجز مع دخولها للمبالغة أن تسلب لفظ القذف حكمه ، ولأن زيادة الهاء التي لا يفتقر اللفظ إليها إن لم توجب زيادة الحكم لم تقتض نقصاناً منه لأن أسوأ أحوالها أن تكون لغواً .

فأما الجواب عن استدلالهم بأن المؤنث يذكر والمؤنث لا يؤنث ، فهو أنه لا يجوز تذكير المؤنث ولا تأنيث المذكر لما فيه من اشتباه اللفظ وإشكال الخطاب ، وإنما الهاء الموضوعة للتأنيث ربما حذفت من المؤنث كقولهم ‘ عين كحيل ‘ ، و ‘ كف خصيب ‘ ، وأدخلت على المذكر كقولهم : ‘ رجل داهية وراوية ‘ ، فصار حذفها من المؤنث كدخولها على المذكر إذا زال الإشكال عنهما فلم يكن للفرق بينهما وجه – فأما قوله تعالى : ( وقال نسوة فى المدينة ) فلأن فعل المؤنث إذا تقدم ذكر جمعه وأنث واحده – كما قال تعالى في الجمع : ‘ وقال نسوة ‘ وقال في الواحدة : ( قالت امرأة العزيز ) [ يوسف : 51 ] فأما إذا تأخر الفعل عنهن كان مؤنثا في الجمع والانفراد تقول : النساء قلن والمرأة قالت .

أما قوله تعالى : ( فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي ) [ الأنعام : 78 ] فعنه جوابان :

أحدهما : أنه أشار بذلك إلى الرب بأنه الشمس ولم يشر به إلى الشمس بأنها الرب .

والثاني : أنه أشار بذلك إلى شعاع الشمس وشعاعها مذكر .

فأما الجواب عن استدلالهم بأن الزيادة في الكلمة تغير معناها فهو : وإن غيرت للمبالغة دون السلب إثباتاً للزيادة دون النقصان ، وقولهم : تصير كناية لخروجها عن المعهود فتعليل ينتقض عليهم بقوله لها : يا زان ، وقولهم : إنه أضاف إلى الرجل زنا المرأة فسلبه فعل الزنا فهو خطأ لأن زنا كل واحد منهما مضاف إلى فعله لا إلى فعل