الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص100
حد الزنا ، وليس عليها حد القذف ، وقد سقط به عن الزوج حد القذف فإن ادعى الزوج أنها أرادت قذفه أحلفها أنها ما أرادته .
( فصل )
وأما الوجه الثالث : وهو أن تريد قذفه بالزنا ولا تريد إقرارها به ، فهو أن تقول : زنا بي قبل أن يتزوجني وأنا نائمة أو مستكرهة ، فهو زان بي وأنا غير زانية به ، فهذا البيان أخف الأحوال في حقها وأغلظها في حق الزوج ، فعليها حد قذفه ، وعليه حد قذفها ، ولا قصاص في 7 الحدين ، وله إسقاط حد القذف عن نفسه باللعان ولا يسقط عنها حد القذف بلعانها ، فإن أكذبها على أنها لم ترد الإقرار بالزنا أحلفها أنها لم ترده ، لما يتعلق من سقوط حد قذفها عنه بغير لعان .
( فصل )
وأما الوجه الرابع : وهو أن تريد لا إقرارا بالزنا ولا قذفه ، فهو أن تقول : أردت أنه أصابني بعد أن تزوجني فإن كنت زانية فيه زنيت ، فهذا أخف أحوالها في حقها وحق الزوج ، فيكون قولها من الأمرين مقبولاً ، فلا يجب عليها حد الزنا ولا حد القذف ، لأن الجواب قد يخرج في مقابلة اللفظ بمثله ويخالفه في حكمه كما قال تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ الشورى : 40 ] . والابتداء سيئة والجزاء ليس بسيئة ، وكما قال تعالى : ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) [ آل عمران : 54 ] . فالابتداء مكر والجزاء ليس بمكر ، ولأن خروج الجواب على هذا الوجه قد يكون نفياً لما تضمنه الابتداء عن نفسه وعن صاحبه ، ويكون تقديره : ما زنيت إلا بك ، فلما لم تكن زانياً لم أكن زانيه ، كقول الرجل لصاحبه : دخلت الدار فيقول : ما دخلتها إلا معك : يريد أنك لما لم تدخل الدار ، لم أدخلها ، فثبت بهذين المعنيين فرق ما بين الابتداء والجواب ، ولأجلهما جعلنا الابتداء صريحاً ، والجواب كناية ، فإذا كان كذلك ، كان قولهما في الأمرين مقبولاً ، وإن كان أخف أحوالها ، ثم ينظر في حال الزوج فله فيما بينه من هذا الوجه أربعة أحوال :
أحدها : أن يصدقها في الأمرين ، أنها ما أرادت إقراراً بالزنا ولا قذفه به ، فلا يمين له عليها ، ولا يلزمها حد قذف ولا زنا ، وعليه حد القذف لها إما أن يلاعن [ فإن لاعن سقط حد القذف عنه ووجب حد الزنا عليها إلا أن تلاعن ] ، فإن قيل : فكيف يلتعن منها وقد صدقها ، قيل : إنما صدقها على أن لم تقر بالزنا ، ولم يصدقها على أنها لم تزن فلذلك التعن .
والحال الثانية : أن يكذبها في الأمرين ويقول : بل أردت إقراراً بالزنا وقذفي به . فله إحلافها على الأمرين . أما الزنا فيحلف أنها ما أرادت الإقرار بالزنا ، ولا تحلف