الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص96
وقال أبو حنيفة : إذا مات قبل اللعان ورثه ولم يجز أن ينفيه باللعان بعد موته ، واستدل على ذلك بثلاثة أشياء :
أحدها : أن من مات على حكم استقر الحكم بموته ، كمن مات عبدا لم يجز أن يعتق بعد موته ، أو مات كافراً لم يصر مسلما بعد موته ، كذلك هذا الولد مات ابناً فلم ترتفع بنوته بعد موته .
والثاني : أنه بالموت قد صار وارثاً له وميراثه اعتراف به والمعترف بالولد لا يجوز له نفيه . والثالث : أنه لما لم يجز أن يرتفع باللعان فراش زوجته بعد الموت لم يجز أن ينفي به نسب ولده بعد الموت .
ودليلنا : هو أن نسب الحي أقوى من نسب الميت . فلما جاز أن ينفي باللعان أقوى النسبين كما أن ينفي أضعفهما أولى .
لأن الداعي إلى نفيه في الحياة أمران : أن لا ينتسب إليه ، وأن لا يلزمه مونته وهذان موجودان بعد الموت كوجودهما قبله ، فاقتضى أن يستوي الحالان في نفيه لأنه لما جاز أن يلحق به النسب [ يوم ] الموت جاز أن ينفي عنه بعد الموت ليستوي حكم اللحوق والنفي بعد الموت كما استويا قبله ، فأما الجواب عن الاستدلال بأن ثبوت الحكم إلى الموت يمنع من ارتفاعه بعده كالكفر والرق فيما تقدمهما ، فذلك ما استقر بالموت ولم يتغير بعده ، وليس كذلك نفي النسب لأنه يوجب ارتفاعه من أصله ولا يثبت له فيما بعد عن النسب فجاز أن ينفيه ليرتفع قبل الموت وبعده ، وكذلك الجواب عن رفع الفراش باللعان ، أنه رافع في الحال مع ثبوته من قبل وقد ارتفع بالموت فلم يبق لرفعه بعد الموت تأثير بخلاف النسب .
وأما الجواب عن الميراث فهو عندنا غير وارث إذا التعن منه ، فلم يسلم لهم الاستدلال .