پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص94

قلنا : إنما فرقنا بينهما في اللحوق لافتراقهما في معنى الاستبراء واختلافما في إمكان اللحوق فصار الفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن الحامل إذا لاعن منها انقضت عدتها بوضع الحمل ، ووضع الحمل يقين في استبراء الرحم ، فلا يجوز أن يبقى بعده للزوج ما في الرحم ، وذات الولد إذا لاعن منها انقضت عدتها بالأقراء والاستبراء بالأقراء غلبه ظن لأنه قد يجوز أن تحيض على الحمل ويرى دم فساد ، فجاز أن يكون الرحم مشتملاً على ماء الزوج وانعقاد الولد منه .

والثاني : أنه يمنع من ذات الحمل إذا التعن منها أن يطأها في الزوجية بعد وضع الحمل فامتنع أن يكون الحمل الثاني منه [ ولا يمتنع من ذات الولد إذا التعن منها أن يكون قد وطئها في الزوجية بعد الولادة فلم يمتنع أن يكون الحمل الثاني منه ] .

فلهذين ما فرقنا في الثاني بين الحملين ، وإذا كان كذلك ولحقه الولد الثاني ولم ينتفع منه إلا بلعان فإن التعن منه احتاج فيه إلى قذف ثان ، لأن القذف بالزنا الأول قد انقطع ماؤه بولادة الأول فصار الولد الثاني من ماء ثان فاقتضى أن يضاف في اللعان إلى زنا ثان ، فإن لم يلتعن من الثاني لحق به دون الأول لأنهما من حملين وليس يمتنع في الحملين أن يكونا من اثنين .

وأما الحال الثالثة : وهو أن تضعه لأربع سنين فصاعداً من وقت لعانه ، فهو منفي عنه بغير لعان لاستحالة أن يكون من إصابته في الزوجية قبل لعانه لتجاوزه مدة أكثر الحمل .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ وإذا ولدت ولدين في بطن فأقر بأحدهما ونفى الآخر فهما ابناه ولا يكون حمل واحد بولدين إلا من واحد ( قال الشافعي ) رحمه الله وإن كان نفيه بقذف لأمه فعليه لها الحد ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ولدت توأمين في حال واحدة ، أو ولدت ولدين متفرقين بينهما أقل من ستة أشهر فذلك سواء وهما من حمل واحد لاشتمال البطن عليهما ، فإن نفي أحدهما باللعان واعترف بالآخر ، أو نفي أحدهما وأمسك عن نفي الآخر فذلك سواء وهما لاحقان به ، لأن الذي اعترف به وأمسك عن نفيه لاحق به ، وهو من حمل الأول ، فاقتضى أن يتبعه الأول في اللحوق وإن نفي لما قدمناه من أن الحمل الواحد لا يكون إلا من اب واحد ، فصار الأول تابعاً للثاني في الإقرار ، ولم يصر الثاني تابعاً للأول في الإنكار ، لأن الشريك يتعدى إليه الإقرار ولا يتعدى إليه