پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص92

والفرق بينهما : أن للأب من تأديب ولده بالضرب والإغلاظ في القول ما ليس للأجنبي فصار ذلك من الأب إغلاظاً في القول المحمول على التأديب ، ومن الأجنبي إغلاظ قذف لا مدخل له في التأديب .

والطريقة الثالثة : وهي طريقة أبي إسحاق المروزي – أن اختلاف الجواب فيهما محمول على اختلاف حالين يستويان فيهما ، فالذي قاله في الأب : أنه لا يكون قذفاً إذا قاله عند ولادته وقبل استقرار نسبه في الحال التي لو أراد نفيه فيها باللعان لأمكنه ، والذي قاله في الأجنبي : أنه يكون قذفاً إذا قاله بعد استقرار نسبه في حال لا يجوز لأبيه نفيه فيها باللعان ، فيكون ذلك قذفاً من الأب والأجنبي بعد استقرار النسب ولا يكون قذفاً منهما قبل استقراره لضعف النسب قبل استقراره ، وقوته بعد استقراره والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ وإذا نفينا عنه ولدها باللعان ثم جاءت بعده بولده لأقل من ستة أشهر أو أكثر ما يلزمه له نسب ولد المبتوتة فهو ولده إلا أن ينفيه بلعان ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن نفي النسب باللعان على ضربين :

أحدهما : أن ينفي به حملاً .

والثاني : أن ينفي به ولداً .

فأما الضرب الأول : وهو أن ينفي به حملاً فإذا وضعت واحداً أو عدداً انتفى عنه جميعهم ، لأن الحمل ما اشتمل البطن عليه ، وانقضت عدتها بوضع الأخير منهم فلو وضعت ولداً فانتفى عنه وانقضت به عدتها في الظاهر ، ثم وضعت به ولداً آخر ، نظر في زمان وضعه فإنه لا يخلو من أحد أمرين ، إما أن يكون بينهما أقل من ستة أشهر أو أكثر ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من ولادة الأول فهما من حمل واحد ، لأنه لا يكون بين الحملين أقل من ستة أشهر ، وهي أقل مدة الحمل ، فإذا كان بين الولدين أقل منهما كانا حملاً واحداً اشتمل البطن عليهما ، فانتفيا عنه باللعان الأول ، وعلمنا أنها كانت باقية في عدتها إلى وضع الثاني .

وكذلك لو وضعت ولداً ثالثاً بينه وبين الأول أقل من ستة أشهر انتفى الثالث مع الثاني والأول باللعان المتقدم لاشتمال البطن على الثلاثة في وقت نفي الحمل باللعان ، وعدتها منقضية بوضع الثالث ، فأما إن وضعت الولد الثاني لستة أشهر فصاعداً من ولادة الأول فهو من حمل ثان ، لأنه لا يجوز أن يكون بين الولدين من حمل واحد ستة أشهر ، وإذا كان الولد الثاني من حمل ثان فهي مثبوته باللعان وقد انقضت عدتها بوضع الأول انقضاء تيقناً به استبراء رحمها فلم يحلق به الثاني لاستحالة أن يكون من إصابته