الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص89
يلاعن منه حتى يتضمن قذفاً يوجب الحد ، لأن اللعان مقام خزي فلم يجز إلا أن يكون إلا في مثله ، ولأن فحوى الكتاب ونص السنة جاءت بمثله ، فعلى هذا في كيفية قذفه وجهان :
أحدهما : بصريح الزنا ولو كان فيه إكذاب لنفسه ، حكاه أبو حامد الإسفراييني .
والوجه الثاني : بمعاريض الزنا ، كقوله : فجرت بوطء غيري ، أو وطئت وطأ حراماً ، لئلا يصرح بتكذيب نفسه ، وهذا أشبه ، فإن وقع الاقتصار منه على معاريض القذف ، بنى لفظ لعانه عليه فقال : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من وطء الفجور أو الوطء الحرام ، وأن هذا الولد ما هو مني ، ولا يلزمها أن تلاعن بعده سواء أضاف الفجور إليها أو إلى الواطئ ، لأنه كناية ، وإن لم يقتنع منه إلا بالقذف الصريح ، فإن قذفها لاعن ، ولاعنت بعده ، وإن قذفه دونها لاعن ولم تلاعن بعده ، وإن قذفها دونه لاعن ولاعنت بعده ، لأن لعانه من قذفها موجب للحد عليها . فلم يسقط عنها إلا بلعانها ، ولعانه وقذف الواطئ وحده ، غير موجب لحدها فلم يحتج إلى لعانها ، والله أعلم .
قال الماوردي : وجملة ذلك أن يقال لولد الرجل لست ابن فلان ، فلا يخلو حال الولد من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون ابن ملاعنة قد نفاه أبوه بلعانه .
والثاني : أن يكون ابن ملاعنة قد استلحقه أبوه بعد نفيه .
والثالث : أن يكون ابن غير ملاعنة .
فأما القسم الأول : وهو أن يكون ابن ملاعنة قد نفاه أبوه بلعانه ، فيقول له أجنبي : لست بابن فلان ، فهذا القول منه يحتمل أمرين متساويين ، يحتمل أن يريد لست بابنه ، لأنه قد نفاه بلعانه فلا يكون قاذفاً لأمه ، ويحتمل أن يريد به أن أمه زنت به فيصير قاذفاً لأمه : فصار من معارض القذف وكناياته فوجب مع المطالبة أن يرجع فيه إلى بيان في إرادته ، وله في بيانه ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يريد به قذف أمه .