الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص80
وقال أبو حنيفة : لا حد على واحد منهما وعليهما اللعان فأيهما امتنع منه حبس حتى يلعن .
وقال أبو يوسف : يحد الزوج ولا يحبس ، ولا تحد الزوجة وتحبس حتى تلاعن ، وقد مضى الكلام فيه بما أقنع ، فإذا امتنعت الزوجة من اللعان وجب حد الزنا عليها ، وكان معتبراً بحالها فإن كانت بكراً فعليها جلد مائة وتغريب عام ، وإن كانت ثيباً فالرجم .
فإن كانت صحيحة والزمان معتدلاً أقيم عليها كان واحد من الحدين إذا كانت من أهله سواء كان جلداً أو رجماً ، وإن كان الزمان خارجاً عن الاعتدال بشدة حر أو شدة برد أخر جلدها إلى زمان الاعتدال لئلا يفضي بحده الزمان إلى تلفها ، ولا يؤخر رجمها لأن المقصود بالرجم تلفها ، وإن كانت مريضة فإن كان حدها الرجم رجمت في المرض ، وإن كان حدها الجلد روعي مرضها ، فإن كان مرجو الزوال أنظرت إلى وقت الصحة ثم جلدت ، وإن لم يرج زواله جلدت بما يؤمن به تلفها من أثكال النخل وأطراف النعال ، وخالف الرجم المقصود به التلف .
وقال بعض أصحابنا : يؤخر رجمها في المرض إذا وجب الحد عليها بإقرار ولعان حتى برأ ، ولا يؤخر إذا وجب ببينة لأن الحد لا يسقط بعد قيام البينة ويسقط إذا وجب باللعان بالإجابة إليه .
وقال آخرون منهم بالإقرار بعكس هذا أنه يؤخر إذا وجب بالبينة لجواز رجوعها ولا يؤخر إذا وجب بالإقرار واللعان لأنه قد أسقط بذلك حرمة نفسه ، وكلا المذهبين فاسد ؛ لأن حرمة النفس تسقط بالبينة كسقوطها بالإقرار . ويمكن رجوع البينة كما يمكن الرجوع في الإقرار ، فلم يكن للفرق بينهما وجه .
قال الماوردي : قد ذكرنا أنه يجوز أن يلاعن من الحامل ، وينفي حملها قبل الولادة .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن يلاعن من حامل حتى تضع . وإن خالف ولاعن في حملها سقط عنه الحد بلعانه ولم ينتف عنه الحمل بلعان ، وصار لاحقاً به بعد الولادة ، ولا سبيل إلى نفيه ، وهذا قول خالف فيه السنة ، لأن رسول الله ( ص ) لاعن بين العجلاني وامرأته وهي حامل ولاعن بين هلال بن أمية وامرأته وهي حامل ، ولأن الحمل إن كان