الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص77
لم ينف الولد فجعل ولد العفيفة لا أب له وألزمها عارة وولد الفاسقة له أب لا ينفى عنه ‘ .
قال الماوردي : أراد الشافعي أبا حنيفة في الرجل إذا قذف زوجته بالزنا فصدقته لم يكن له أن يلاعن منها ، ولا ينتفي من ولدها ، ولا يوجب حد الزنا ، وبنى ذلك على أصلين له :
أحدهما : أن اللعان شهادة والشهادة لا تقام على معترف .
والثاني : أن الإقرار بالزنا لا يوجب الحد عنده حتى يتكرر أربع مرات في أربعة مجالس فجوز له نفي ولد العفيفة وألحق به ولد الزانية ، وفي هذا القول من الشناعة ما يدل على وهاء أصوله فيه ، وقد مضى الكلام معه في اللعان أنه يمين ، وسيأتي الكلام معه في الإقرار بالزنا من أنه يوجب الحد ، ومذهب الشافعي في المصدقة على الزنا المعترفة به أنه لا يخلو أن تصدق الزوج قبل لعانه أو بعده ، فإن صدقته بعد لعانه ثبتت أحكام اللعان به من وقوع الفرقة وتحريم التأبيد ونفي النسب ، وليس لإقرارها بالزنا بعد لعان الزوج تأثير إلا في منعها من الالتعان بعده ، لأن لعانها لإسقاط حد الزنا عنها بلعان الزوج والمقرة بالزنا يوجب الحد عليها بالإقرار ولا يسقط عنها باللعان ، فإن رجعت عن الإقرار صار الحد واجباً عليها باللعان دون الإقرار ، لأن الرجوع في الإقرار بالزنا مقبول في سقوط الحد وجاز لها أن تلاعن لإسقاط الحد الواجب عليها بلعان الزوج ، فأما إن صدقته على الزنا قبل لعانه أو في تضاعيفه فقط سقط حد القذف عن الزوج بتصديقه ، فإن كان له ولد يريد نفيه فله أن يلاعن لنفيه لأنه لما جاز له أن ينفي ولد المكذبة الظاهرة العفة فلأن ينفي ولد المصدقة الظاهرة الفجور أولى ، وإن لم يكن لها ولد ففي جواز لعانه وجهان :
أحدهما : لا يجوز أن يلاعن ، لأن اللعان موضوع لسقوط الحد ونفي النسب وقد سقط عنه الحد بتصديقها وعدم الولد الذي يحتاج إلى نفيه .
والوجه الثاني : يجوز أن يلاعن لوقوع الفرقة وتأبيد التحريم وليس للزوجة أن تلاعن بعد لعانه ما أقامت على الإقرار بالزنا فإن رجعت عنه لاعنت .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا مات أحد الزوجين عند الشروع في اللعان وقبل كماله توارثاً ، ونظر فإن كان الميت منهما هي الزوجة فقد بانت بالموت ولا يخلو حالها من أن تكون ذات ولد أو لا ولد لها ، فإن كانت ذات ولد فله أن يلاعن لنفيه